تقارير وتحليلات

الحزب الديمقراطي الأمريكي في أزمة.. 29% فقط يؤيدون الحزب و54% يرفضون إدارة ترامب للاقتصاد

كشفت استطلاعات الرأي الأمريكية الأخيرة عن تراجع غير مسبوق في شعبية الحزب الديمقراطي، حيث بلغت نسبة التأييد له أدنى مستوى لها على الإطلاق، في وقت يواجه فيه الرئيس دونالد ترامب انقسامات حادة حول طريقة إدارته للاقتصاد والتضخم وتكاليف المعيشة. وتأتي هذه النتائج في ظل استقطاب سياسي حاد، يهدد بإعادة تشكيل المشهد الانتخابي الأمريكي خلال الفترة المقبلة.

الديمقراطيون في أزمة: تأييد متدنٍ وغياب للقيادة
وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة SSRS لصالح مجلة نيوزويك، تراجعت نسبة تأييد الحزب الديمقراطي إلى 29% فقط، وهو الرقم الأدنى منذ بدء قياس هذه البيانات في عام 1992، ما يعكس حجم التحديات التي يواجهها الحزب في استعادة ثقة الناخبين.

وبالمقارنة، كانت نسبة تأييد الديمقراطيين عند 49% في نهاية ولاية دونالد ترامب الأولى في يناير 2021، ما يعني انخفاضًا حادًا بلغ 20 نقطة مئوية خلال ثلاث سنوات فقط.

الحزب الديمقراطي الأمريكي في أزمة.. 29% فقط يؤيدون الحزب و54% يرفضون إدارة ترامب للاقتصاد
الحزب الديمقراطي

وفي الوقت ذاته، فإن الحزب الجمهوري يتمتع بوضع أفضل نسبيًا، حيث بلغت نسبة التأييد له 36%، أي أعلى بـ 7 نقاط مئوية مقارنة بالديمقراطيين. وتعود هذه الأفضلية إلى استمرار دعم القاعدة الجمهورية لترامب، حيث ينظر 79% من الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية إلى حزبهم بإيجابية، بينما لا تتجاوز هذه النسبة 63% بين الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية، ما يمثل انخفاضًا كبيرًا عن نسبة 81% التي سجلت في بداية ولاية الرئيس جو بايدن.

أما على مستوى الكونجرس، فقد أبدى 49% من الديمقراطيين عدم رضاهم عن أداء حزبهم التشريعي، بينما لم تتجاوز نسبة المؤيدين 40%، وهو الرقم الأدنى منذ بدء قياس هذا المؤشر عام 2009. كما أن 68% من المستطلعين أعربوا عن رفضهم لنهج الحزب الديمقراطي الحالي، وهو ما دفع بعض نشطاء الحزب إلى وصف الوضع بأنه “كارثي” ويحتاج إلى قيادة واضحة وقادرة على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الراهنة.

ترامب تحت المجهر: تراجع الثقة في الاقتصاد وانقسامات حزبية حادة
من جهة أخرى، كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها NBC News أن 54% من الأمريكيين غير راضين عن أداء ترامب في إدارة الاقتصاد، وهو ما يمثل ضربة قوية للرئيس السابق الذي كان يعتمد على الأداء الاقتصادي كأحد أبرز نقاط قوته.

وبحسب الاستطلاع، فإن 18% فقط من الناخبين يعتقدون أن الاقتصاد في حالة “جيدة” أو “ممتازة”، بينما يرى 82% أنه في حالة “متوسطة” أو “سيئة”.

الحزب الديمقراطي الأمريكي في أزمة.. 29% فقط يؤيدون الحزب و54% يرفضون إدارة ترامب للاقتصاد
ترامب

أما فيما يتعلق بالتضخم وتكاليف المعيشة، فقد أظهرت البيانات أن 55% من الأمريكيين يرفضون طريقة تعامل ترامب مع هذه القضايا، مقابل 42% فقط يؤيدونها، ما يعكس استمرار المخاوف بشأن ارتفاع الأسعار وأثر ذلك على الأسر الأمريكية.

الانقسام الحزبي: فجوة تاريخية في التأييد
رغم هذه التحديات، لا يزال ترامب يحظى بدعم قوي داخل حزبه، حيث تؤكد الأرقام أن نسبة تأييده بين الجمهوريين تبلغ 90%، مقابل 4% فقط بين الديمقراطيين. ووفقًا لتحليل أجرته NBC News لثلاثة عقود من استطلاعات الرأي، فإن هذه الفجوة في التأييد بين الحزبين تُعد الأكبر لأي رئيس أمريكي خلال الثمانين عامًا الماضية، ما يعكس مدى الاستقطاب الذي يعيشه المشهد السياسي في الولايات المتحدة.

ويبدو هذا الانقسام واضحًا أيضًا بين الرجال والنساء، حيث يؤيد 55% من الرجال أداء ترامب، في حين أن 58% من النساء يرفضن سياسته. أما بين الناخبين المستقلين، فإن الصورة أكثر سلبية، إذ لا يوافق سوى 30% منهم على أدائه في منصبه، مقابل 67% يعارضونه، وهو مؤشر خطير قد ينعكس على فرصه الانتخابية في حال قرر الترشح مجددًا.

الحزب الديمقراطي الأمريكي في أزمة.. 29% فقط يؤيدون الحزب و54% يرفضون إدارة ترامب للاقتصاد
ترامب

السياسة الخارجية والأزمات الدولية.. نقاط ضعف إضافية
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فإن 45% فقط من الأمريكيين يوافقون على طريقة تعامل ترامب مع القضايا الدولية، بينما يعارضه 53%. أما في ملف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن 42% فقط يؤيدون نهجه، مقابل 55% يرفضونه، ما يعكس قلقًا واسعًا بشأن طريقة تعامله مع الصراعات الدولية.

هل يستطيع الديمقراطيون استعادة ثقتهم المفقودة؟
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الحزب الديمقراطي يواجه واحدًا من أكبر التحديات في تاريخه الحديث. فبينما يحافظ الجمهوريون على تماسكهم الداخلي، يعاني الديمقراطيون من تفكك في القيادة وغياب رؤية واضحة لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة. ويرى مراقبون أن الحزب بحاجة إلى إعادة هيكلة استراتيجيته والبحث عن قيادات جديدة قادرة على تقديم رؤية واضحة ومتماسكة للناخبين.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، تزداد الضغوط على الحزب الديمقراطي لاستعادة ثقة الجمهور، لا سيما أن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن 54% من الأمريكيين يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، وهو ما قد يمثل فرصة لترامب لاستغلال حالة الإحباط السياسي لصالحه. لكن في المقابل، فإن استمرار الاستياء من سياساته الاقتصادية قد يكون عائقًا أمام طموحاته المستقبلية.

وفي ظل هذه الأرقام المتباينة، يبقى السؤال مطروحًا: هل سينجح الديمقراطيون في استعادة ثقة الناخبين قبل الانتخابات المقبلة، أم أن الجمهوريون سيواصلون تعزيز حضورهم السياسي في ظل التراجع الديمقراطي المستمر؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى