العلم في الصغر كالنقش في الحجر مثل عربي عميق ومعبر لأبعد الحدود
انظر حولك ترى النقوش التي نقشها على الصخور وعلى الحجارة اناس قبل الاف السنين لا زالت موجودة حتى يومنا هذا. ذهبوا وبقيت نقوشهم وستبقى وسنذهب نحن ويأتِ غيرنا ليشاهدوها ويشهدوا عليها.
ما دفعني لإيراد ذلك المثل هو حال اللغة العربية اليوم وكيف اصبحت بلا هوية عند البعض فأهمل حروفا ولم يعد ينطقها للأسف وكأنها لم تكن موجودة اصلا وحرّف حروفا اخرى وأستبدلها بحروف غيرها.
عندما يتحدث احدهم بما يعتقد انه لغة عربية فصحى يأتِ بالطوام.
من المؤسف حقا أن تجد رجلا كبيرا وربما في موقع مسؤولية يتحدث امام الإعلام او يخاطب الناس وعندما تسمعه تقول لنفسك ليته سكت.
من المؤسف أكثر وأكثر ان يصل ذلك الإسفاف في النطق الى قراءة كلام الله تعالى فيبدل صاحبنا الحرف مكان الحرف رغم ان كتاب الله تعالى الذي يحوي كلامه سبحانه وتعالى انزل بلسان عربي مبين.
كل بلد عربي لديه لهجة خاصة وربما تتنوع اللهجات في البلد الواحد اذا كبرت مساحته ففي السعودية على سبيل المثال لا الحصر توجد لهجات متعددة حسب المناطق.
لكن التعليم عندنا في السعودية كان يتم باللغة العربية وكانت الحروف تنطق بشكل صحيح من اغلب المعلمين فتعودنا على نطقها الصحيح منذ صغرنا وفي البيت كنا نسمع اهلنا ينطقون الحروف بشكل صحيح فأصبح ما تعلمناه كنقش في حجر ولم تأثر لهجتنا العامية على نطقنا للحروف عندما نقرأ القران او نكون في موقف يتطلب منا الحديث بالفصحى.
المشكلة في اساسها تبدأ من البيت فإذا كان الأب وكانت الأم ممن لا ينطق الحروف بشكل صحيح ورث ذلك الخطأ عنهم ابنائهم وهكذا تستمر السلسة ويتعمق الخطأ وتضيع اللغة الفصحى.
اللغة العربية من أجمل اللغات وأكثرها تفردا وتميزا سواء كان ذلك نطقا او تعبيرا وهي تتكون من 28 حرفا ولكن عدد حروفها أنخفض للأسف عند بعض الشعوب العربية بسبب تعودهم على تجاهل بعض حروف لغتهم الأم لغة القران الكريم .
فمن يبرر لنا كيف أصبحت
الثاء (ث ) سيناً (س)
حديس بدلا من حديث
بس بدلا من بث
سلاسة بدلا ثلاثة
سواب بدلا من ثواب
تحديس بدلا من تحديث
إسبات بدلا من إثبات
تسبيت بدلا من تثبيت
ومن يبرر لنا كيف اصبح
الذال (ذ ) زيناً ( ز)
اللزين بدلا من الذين
زنب بدلا من ذنب
زلك بدلا من ذلك
حتى حرف الظاء لم يسلم من التحريف
فكيف بالله عليكم تنطق الظالمين الزالمين (بتشديد حرف الزين).
وكيف تنطق العظيم العزيم وأيضا بتشديد حرف الزين.
عندما كنت صغيرا كنت احب مشاهدة الدراما التاريخية المصرية ربما لأنها كانت الوحيدة حينها وعندما كبرت وجدت ان الدراما التاريخية السورية قد تفوقت بمراحل على الدراما التاريخية المصرية بسبب اجادة الممثلين السوريين لنطق الفصحى أكثر من غيرهم وعدم وجود لحن في ادائهم الا فيما ندر.
الشاهد مما ذكرت انك عندما تتقن تتقدم وتتصدر.
وإتقان لغة القران أولى من إتقان أي شئ آخر.
هذا الحديث هنا فقط عن إتقان نطق الحروف كما انزلت فكيف لو فتحنا مجال قواعد النطق في اللغة العربية؟!
اتذكر مدرسا للغة العربية في المرحلة الثانوية كان يقول لنا
اللغة العربية لغة الملوك
اللغة الإنجليزية لغة الرجال
اللغة الفرنسية لغة النساء
فعلا العلم في الصغر كالنقش في الحجر.
كلمة أخيرة :
تحدث العامية كما تريد لكن عندما يأتي وقت قراءة القران الكريم او التحدث بالفصحى أنطق كل الحروف بالشكل الصحيح.
ودائما تذكر انه اذا اردت ان ينطق ابنائك الحروف بشكل صحيح ابدأ بنفسك اولا.
أحمد الغامدي 27-11-2022