بعد فوزه بالأوسكار.. اعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال عقب اعتداء مستوطنين عليه في الضفة الغربية

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المخرج الفلسطيني حمدان بلال، أحد صناع الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار “لا أرض أخرى”، وذلك مساء أمس الاثنين في قرية سوسيا جنوب الضفة الغربية المحتلة، بعد تعرضه لاعتداء وحشي من قبل مستوطنين إسرائيليين، وفقًا لشهود عيان.
وأفاد شهود بأن نحو 15 مستوطنًا مسلحًا اقتحموا منزل بلال، ما أدى إلى إصابته بجروح وتدمير ممتلكاته. وبينما كان يتلقى العلاج داخل سيارة إسعاف، داهم جنود الاحتلال المركبة واعتقلوه، إلى جانب شخص آخر يُدعى ناصر.
فيلم يثير الجدل وغضب إسرائيل
شارك بلال في إخراج “لا أرض أخرى” مع ثلاثة آخرين، بينهم إسرائيليون، حيث يوثق الفيلم معاناة الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا، مسلطًا الضوء على عمليات الهدم والتهجير القسري التي تمارسها السلطات الإسرائيلية. وفور فوزه بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، واجه الفيلم انتقادات حادة من مسؤولين إسرائيليين، حيث وصف وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهار فوزه بأنه “لحظة حزينة للسينما”، معتبرًا أنه يشوه صورة إسرائيل.
تصاعد العنف ضد الفلسطينيين والمخرجين
من جهته، رجّح المخرج الفلسطيني باسل عدرا، أحد المشاركين في إخراج الفيلم، أن يكون الاعتداء على بلال جزءًا من تصعيد عنف المستوطنين ردًا على النجاح الدولي الذي حققه الفيلم. وقال لصحيفة الغارديان: “يتعرض الفلسطينيون في القرية لهجمات يومية من المستوطنين. عنفهم يتزايد، وربما يكون ذلك انتقامًا من الفيلم وجائزة الأوسكار”.
وأشار عدرا إلى أن المستوطنين هاجموا منازل الفلسطينيين تحت حماية جنود الاحتلال، الذين لم يتدخلوا بل وجهوا أسلحتهم نحو الضحايا، مؤكدًا أن بلال اعتُقل بعد تعرضه للضرب أثناء محاولته حماية أسرته.
بدوره، قال المخرج الإسرائيلي المشارك في الفيلم، يوفال أبراهام، عبر إكس (تويتر سابقًا): “المستوطنون ضربوا بلال بوحشية وأصابوه في رأسه وبطنه، وبينما كان ينزف داخل سيارة الإسعاف، اقتحمها الجنود وأخذوه. لم يُعرف مكانه منذ ذلك الحين”.
احتجاز غامض وتصاعد القمع
حتى صباح الثلاثاء، لم تتمكن محامية بلال، ليا تسيمل، من التواصل معه، حيث أبلغتها الشرطة الإسرائيلية بأنه محتجز في قاعدة عسكرية لتلقي العلاج. ويعكس هذا الاعتقال سياسة التصعيد ضد الفلسطينيين، لا سيما النشطاء والفنانين الذين ينقلون معاناة شعبهم إلى العالم.
رسالة سينمائية تتحدى الاحتلال
يُعد “لا أرض أخرى” وثيقة سينمائية توثق بأسلوب وثائقي حياة الفلسطينيين في مسافر يطا، حيث يواجهون خطر التهجير القسري وسط تباين صارخ في الحقوق مقارنة بالمستوطنين الإسرائيليين. يمتد الفيلم 95 دقيقة، مُبرزًا واقعًا مأساويًا نجح في إيصال صوته إلى العالم عبر الأوسكار، لكنه أثار أيضًا غضب الاحتلال.
في ظل تصاعد التوترات في الضفة الغربية، يعكس اعتقال بلال واقعًا قاسيًا للفنانين الفلسطينيين الذين يواجهون التنكيل لمجرد توثيق الحقيقة، لتبقى السينما أداة مقاومة بوجه الاحتلال والاضطهاد.