انفجار الصدام بين الجيش والحكومة الإسرائيلية.. وزير الدفاع يوقف ترقية قائد “إخوة السلاح” بعد 700 يوم قتال في غزة

تشهد أروقة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، للمرة الثالثة خلال أشهر قليلة، حالة من الاحتقان والصدام المباشر، وذلك على خلفية قرار مثير للجدل اتخذه وزير الدفاع يسرائيل كاتس اليوم الجمعة، فقد رفض الوزير صراحة توصية رئيس الأركان إيال زامير بترقية ضابط احتياط بارز، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة التوتر العميق الذي يخيم على العلاقة بين القيادة العسكرية والمستوى السياسي.
رفض مباشر لتوصية قادة الجيش
تتمحور الأزمة الأخيرة حول العميد (احتياط) جرمان جيلتمان، الذي أمضى فترة خدمته في الاحتياط بمنصب رئيس أركان الفرقة 162، وقضى ما يزيد عن 700 يوم في الخدمة الفعلية منذ بدء الحرب على قطاع غزة.
وكان رئيس الأركان إيال زامير قد قدم توصية قوية لتعيين جيلتمان قائداً لمركز القيادات في سلاح البر وترقيته إلى رتبة لواء، وهي توصية حظيت بتأييد واسع. وأكدت المصادر لإذاعة “كان” أن اجتماع التعيينات الذي عُقد أمس شهد إجماعاً من كبار قادة الجيش، شمل السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، اللواء رومان جوفمان، ورئيس هيئة القوى البشرية دادو بار كليفا، حيث أوصى الجميع بالموافقة على ترقية جيلتمان.
إلا أن وزير الدفاع كاتس اتخذ قراراً معاكساً، رافضاً التوصية، ليثير بذلك عاصفة من الانتقادات التي اعتبرت القرار ذا دوافع سياسية.
منظمة “إخوة السلاح” تهاجم كاتس وتفجر الأزمة
جاء أشد الانتقادات لقرار وزير الدفاع من منظمة “إخوة السلاح”، التي يُعد جيلتمان أحد أبرز قادتها السابقين. وتضم المنظمة آلاف جنود الاحتياط من وحدات النخبة وكانت قوة دافعة رئيسية في الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2023.
وقد علق أورن شبيل، أحد قادة المنظمة، على القرار بحدة قائلاً: “منع ترقية ضابط خدم ثلاثين عاماً وقضى 700 يوم في غزة أمر محزن وغير مفهوم”، مشيراً إلى التناقض الصارخ في سياسات كاتس الذي “يروج في الوقت ذاته لصفقة تعفي عشرات الآلاف من الحريديم من الخدمة الإلزامية”.
وبذلك، وجهت المنظمة اتهاماً مباشراً للوزير باستغلال صلاحياته لتصفية حسابات سياسية قديمة مع قيادات الاحتياط المعارضة للحكومة.
جيلتمان ينفي دعوات العصيان: “رفض الخدمة في مكان غير ديمقراطي”
في محاولة لتهدئة الأزمة، سارع العميد جيلتمان إلى نفي الاتهامات التي قد تكون سبباً في قرار كاتس، والمتمثلة في تصريحات سابقة له حول رفض الخدمة العسكرية.
وأكد جيلتمان لمقربين منه صباح اليوم أنه لم يدعُ أبداً إلى العصيان، موضحاً أن تصريحه في مارس 2023 كان منصباً على أنه “غير مستعد للخدمة في مكان غير ديمقراطي”، في إشارة إلى اعتراضه على التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي كانت تهدد منظومة القضاء الإسرائيلي.
وهذا التوضيح يؤكد أن القرار يحمل تفسيرات سياسية أكثر منه عسكرية أو مهنية.
تاريخ من الصدام وتجاوز الصلاحيات
لا تعد هذه الأزمة حدثاً منفرداً، بل هي حلقة جديدة في مسلسل التوتر المستمر بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.
أزمة تعيينات أغسطس:
نشب خلاف مماثل في أغسطس الماضي عندما رفض كاتس قائمة تعيينات جديدة، ليقوم الجيش بنشر القائمة بعد ساعة واحدة فقط، متجاوزاً بذلك موقف الوزير.
خلاف لجنة تحقيق 7 أكتوبر:
قبل أسبوعين، انفجر خلاف علني آخر حول لجنة التحقيق في إخفاقات هجوم السابع من أكتوبر، حيث اتهم زامير وزارة الدفاع بعرقلة تشكيل اللجنة، بينما رد مقربون من كاتس باتهام قيادة الجيش بمحاولة تجاوز صلاحيات الوزير.
تعكس هذه الخلافات المتكررة حالة من الانقسام الحاد في المستويين السياسي والعسكري، خاصة مع استمرار الحرب والحاجة إلى وحدة الصف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين وزير الدفاع ورئيس الأركان في هذه المرحلة الحساسة.



