منوعات

هوس التجميل” لدى الصغار: فخ رقمي يهدد صحة “جيل ألفا” بمواد مسرطنة

شهدت منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، ظاهرة انتشار مستحضرات التجميل بين الأطفال والمراهقين، مدفوعة بصعود جيل المؤثرين الصغار، وموجات الموضة الرقمية التي تروج للعناية بالبشرة والشعر كجزء من الهوية الاجتماعية.

 

وبحسب تقارير شركة “AYTM” الاستشارية، فإن “جيل ألفا” وهو الجيل المولود بين عامي 2013 و2024 تقريبا، أنفق خلال عام 2023 نحو 4.7 مليارات دولار على منتجات التجميل، مدفوعا بتيارات تنتشر على الشبكات الاجتماعية، حيث تدفع الخوارزميات بالمحتوى التجميلي إلى الواجهة كلما ارتفع التفاعل معه.

 

وفي تصريحات خاصة لـ”الشروق”، كشفت الدكتورة دينا فتحي الديب، استشاري الجلدية والتجميل وباحثة بالمركز القومي للبحوث، عن حجم المخاطر التي قد يتعرض لها هؤلاء الصغار نتيجة استخدام منتجات مخصصة للكبار لا تناسب طبيعة بشرتهم أو مراحل نموهم.

 

مكونات خطرة في منتجات تبدو آمنة

 

تؤكد الدكتورة دينا، أن الخطر الأكبر يكمن في المكونات الكيميائية التي تتواجد في عدد كبير من المنتجات المنتشرة في الأسواق، والتي قد تبدو آمنة أو خفيفة من ظاهرها، لكنها تحمل تأثيرات ضارة على الأطفال.

 

وتوضح، أن أبرز هذه المواد تشمل: “البارابين” الذي يتواجد في معظم كريمات الشمس والمرطبات، وارتبطت بعض دراسات السلامة بتأثيراته الهرمونية المحتملة، كذلك “الفورمالدهيد” وهو عنصر أساسي في العديد من منتجات فرد الشعر، ويمثل خطرا باعتباره مادة ممكنة للسرطان عند التعرض المتكرر، بالإضافة إلى مركبات “DEP” و”DBP” التي تدخل في تركيب العديد من مستحضرات العناية، ولها تأثيرات محتملة على الجهاز الهرموني، وأيضا المستحضرات التي تحتوي على السلفات والسيليكون، وتشيع في الشامبوهات وكريمات العناية، وقد تساهم في تهيج الجلد أو إضعاف الحاجز الطبيعي للبشرة لدى الأطفال.

 

وتحذر الطبيبة، من أن هذه المكونات لا تناسب بشرة الأطفال، كونها أكثر حساسية ورقة، وأكثر عرضة للالتهاب والتأثر بالتراكم الكيميائي مقارنة ببشرة البالغين.

 

من الحساسية إلى الاضطرابات الهرمونية

 

تشرح خبيرة الجلدية أن نتائج استخدام مستحضرات الكبار تستهدف الأطفال بسلسلة من المشكلات التي تبدأ باضطرابات بسيطة في الجلد، لكنها قد تتطور إلى أخطار طويلة الأمد.

 

وتشمل هذه المشكلات: الإكزيما والتحسس الجلدي نتيجة تهيج الجلد من المواد المعطرة أو الكيميائيات النشطة، وحبوب التجميل (Cosmetic Acne) وهو نوع من الحبوب يظهر بسبب انسداد المسام نتيجة استخدام كريمات وزيوت غير مناسبة لأعمارهم، فضلا عن اضطرابات هرمونية قد تنتج عن الاستخدام المتكرر أو الطويل لمواد تؤثر على توازن الهرمونات في أجسام الأطفال، وزيادة الاستعداد للسرطان خاصة عند التعرض المتراكم لمواد مصنفة كضارة أو مسرطنة مثل “الفورمالدهيد”.

 

وتشير الطبيبة، إلى أن المشكلة ليست في الاستخدام لمرة واحدة، بل في التعرض التراكمي الذي قد يستمر لفترات طويلة بسبب محاكاة الصغار لما يرونه على الإنترنت.

 

السوشيال ميديا بوابة جذابة إلى عالم غير آمن

 

تضيف خبيرة التجميل، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت محركا أساسيا لسلوك الأطفال الشرائي والجمالي؛ فمع انتشار المؤثرين الصغار الذين يروجون لمستحضرات تجميل وعناية بالبشرة، أصبح الأطفال يرون هذا السلوك طبيعيا، بل ويتحول إلى معيار اجتماعي يقيسون به أنفسهم.

 

وتؤكد أن الكثير من الأطفال باتوا يمارسون ضغطا مباشرا على الأهل لشراء منتجات لا يحتاجونها، وربما لا يدرك الكبار أنفسهم خطورتها.

 

التنمر والمواد المسرطنة

 

تسلط الدكتورة دينا، الضوء على ظاهرة إضافية لا تقل خطورة وهي التنمر على الشعر المجعد (Curly Hair)، والذي يدفع الكثير من الأمهات إلى اللجوء لمنتجات فرد الشعر التي تحتوي على مواد مسرطنة أملا في جعل شعر أطفالهن أملس حتى لا يتعرضون للتنمر.

 

وتحذر من أن هذا الاتجاه يعكس رؤية مرفوضة تعتبر الشعر المجعد عيبا وليس اختلافا طبيعيا بين البشر، ما يعزز الضغط النفسي على الأطفال ويعرضهم في الوقت ذاته لمواد شديدة الخطورة على المدى الطويل.

 

موضة رقمية بثمن صحي باهظ

 

تكشف تصريحات الدكتورة دينا، عن أزمة تتجاوز مجرد استخدام خاطئ لمستحضرات التجميل؛ فهي مرتبطة بثقافة رقمية تشكل ذوق الأطفال، وتدفعهم إلى أنماط استهلاكية قد تهدد صحتهم ونموهم الطبيعي، من خلال مكونات كيميائية ضارة، ومحتوى دعائي مضلل، وضغط اجتماعي ومعايير جمالية مشوهة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى