فنون وثقافة

“الذكاء الاصطناعي في السينما: أداة مساعدة والإنسان صانع المعنى”

شهد المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، الخميس، انعقاد ندوة “مستقبل السرد والحكاية: هل يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر في صناعة الأفلام والدراما التلفزيونية؟”، بالشراكة مع Story Lab، بمشاركة المتحدثين حمزة عزام وأشرف فودة وألكسندر كيسل وستيفن هاكر، وأدارها عمرو قورة، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ 46 من مهرجان القاهرة السينمائي.

 

ناقشت الندوة التأثير المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي على طرق صناعة الحكاية، ودور المبدع البشري في ظل دخول أدوات توليد الصور والنصوص والمؤثرات البصرية إلى مراحل صناعة الفيلم والدراما.

 

واتفق المشاركون على أن التكنولوجيا باتت عنصرًا أساسيًا في عملية الإنتاج، لكنها لا تستطيع تعويض الدور الإنساني في بناء المشاعر والأفكار حتى الآن.

 

وأكد الثنائي الألماني ألكسندر كيسل وستيفن هاكر، المتخصصان في المؤثرات البصرية، أن استخدام الذكاء الاصطناعي أصبح يختصر وقت تنفيذ المشاهد الافتراضية، ويتيح اختبارات بصرية متعددة في وقت قصير؛ ما يمنح المخرجين والمنتجين قدرة أكبر على تطوير رؤيتهم قبل التصوير.

 

وأوضحا أن هذه الأدوات تدعم الصناعة لكنها لا تُصدر قرارًا إبداعيًا نهائيًا، إذ يبقى التحكم في يد صُناع العمل.

 

وقدم ستيفن هاكر، الخبير في صناعة الإعلانات والـ VFX، رؤية أكثر توازنًا، معتبرًا أن المستقبل لن يشهد صراعًا بين الإنسان والآلة، بل سيشهد تعايشًا إجباريًا.

 

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي سيعيد توزيع الأدوار داخل الصناعة، لكنه لن يلغي الوظائف، لأن الحاجة ستظل قائمة لمن يفهم المعنى، وليس فقط الصورة، قائلا: “الآلة تخلق صورة والإنسان يخلق معنى”.

 

على الجانب الآخر، قدم المخرج الألماني ألكسندر كيسل رؤية تقنية دقيقة، تكشف حجم التغيير الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي داخل ورش المؤثرات البصرية.

 

وأوضح “كيسل” أن أدوات الـAI (الذكاء الاصطناعي) اختصرت شهورًا من العمل في مرحلة التصور (Pre-visualization)، ووفرت ملايين الدولارات، وسمحت لصُناع الصورة بتجربة احتمالات لا نهائية قبل التصوير.

 

كما حذر من السرعة، قائلا: “السرعة قد تصبح فخًا”، مشيرا إلى أن المنتجين قد يستسهلون الاعتماد على الأدوات الذكية على حساب الوقت المخصص للتطوير الفني، وهو ما قد ينتج أعمالًا براقة بصريًا لكنها فقيرة في الجوهر.

 

من جانبه، حذر حمزة عزام من القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة ما يتعلق باستنساخ ملامح الممثلين أو أصواتهم دون إذن، مشيرًا إلى ضرورة وضع أسس قانونية تنظم الملكية الفكرية وتضمن حماية الفنانين في المستقبل القريب.

 

بينما أكد أشرف فودة، أن الفن السردي يستند في جوهره إلى التجربة الإنسانية، مشددًا على أن الآلة لا تمتلك الوعي بالمشاعر أو الخلفيات الاجتماعية التي تُشكل بنية الدراما، قائلا: “الذكاء الاصطناعي قد يساعد في التنفيذ، لكن لا يستطيع خلق قصة تحمل بصمة عاشها إنسان أو تخيلها”.

 

واتفق المتحدثون على أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي دور الكاتب أو المخرج، ولكن من المتوقع أن يغير أدوات العمل ويخلق وظائف جديدة داخل صناعة الحكاية، مع تزايد الحاجة لدورات تدريبية لفهم التقنيات الجديدة وضمان توظيفها بشكل صحيح.

 

وأنهى عمر قورة الندوة بتوجيه الضوء نحو واقع السوق العربي، مؤكدًا أن المشكلة ليست في الأدوات، بل في نقص التدريب، مشيرا إلى أن المؤسسات الإعلامية بحاجة إلى الاستثمار في تطوير مهارات العاملين لديها، لأن التحول الرقمي لن ينتظر أحدًا، ولأن المنطقة العربية لن تستطيع المنافسة ما لم تلحق بمنحنى التكنولوجيا العالمي.

 

واختُتمت الندوة بالتأكيد على الرغم من تطور الذكاء الاصطناعي وكونه يمثل فرصة لتطوير الإنتاج السينمائي والدرامي، إلا أنه لا يستطيع انتزاع روح الدراما من الإنسان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى