تقارير وتحليلات

الدولار يرقص على ضعف الإسترليني والين.. والسوق ينتظر تعافي الاقتصاد بعد أطول إغلاق حكومي أمريكي

شهدت أسواق العملات العالمية بداية أسبوع مليئة بالاضطراب، حيث يستغل الدولار الأمريكي حالة التراجع التي تعاني منها العملات المنافسة لتعويض جزء من خسائره الأخيرة.
وهذا الصعود الطفيف للعملة الخضراء جاء مدعومًا بضعف واضح في أداء الجنيه الإسترليني والين الياباني، ما يؤكد أن الدولار يستفيد حاليًا من العوامل السلبية التي تضغط على العملات الأخرى.
وقد ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.2%، مسجلًا 99.46 نقطة.
وفي قلب هذه التقلبات، تتجه أنظار المتعاملين بترقب بالغ نحو سلسلة البيانات الاقتصادية الأمريكية، والتي تأجل نشرها بسبب أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة.
وهذه الأرقام، خاصة تقرير الوظائف غير الزراعية المقرر صدوره يوم الخميس، أصبحت هي المعيار الحاسم الذي سيحدد مسار أسعار الفائدة في قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (الفيدرالي) المرتقب الشهر المقبل.

تأثير السياسات والتوترات على العملات الرئيسية
لم تكن تحركات العملات ناتجة فقط عن قوى العرض والطلب، بل لعبت التطورات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية دورًا مركزيًا في تحجيم منافسي الدولار:
الجنيه الإسترليني تحت ضغط الضرائب:
تأثر الجنيه الإسترليني سلبًا بعد تسريب خطط وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، لزيادة الضرائب بقيمة 7.5 مليار جنيه في الميزانية المقبلة، مما ضغط على قيمته.
الين الياباني وفاتورة التصعيد:
يواجه الين، الذي يُعد تقليديًا ملاذًا آمنًا، ضغوطًا قوية بسبب التوتر الدبلوماسي المتصاعد بين الصين واليابان، على خلفية تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساني تاكايتشي بشأن تايوان، مما زاد من حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
ونتيجة لذلك، انخفض الين مقابل الدولار بنسبة 0.3% ليصل إلى مستويات 154.7 ين للدولار.
هَدوء ملاذات آمنة أخرى:
ظل تأثير قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التراجع عن فرض رسوم جمركية على المنتجات الغذائية خافتًا، كما ظل الفرنك السويسري مستقرًا نسبيًا رغم تخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية على صادراته.
ورغم ذلك، تراجع الفرنك بنسبة 0.1% عند 0.7954 للدولار، كما انخفض اليورو مقابل العملة الأمريكية بنسبة 0.2% وصولاً إلى 1.1597 دولار.

تبخر التوقعات بشأن خفض الفائدة
خلق التأخير في نشر البيانات الاقتصادية “فراغًا معلوماتيًا” دام 43 يومًا، ما أدى إلى تغيرات حادة في توقعات السوق لقرار الفيدرالي. فقد كشفت أداة “فيد ووتش” عن تحول كبير في التوقعات:
تراجع توقعات خفض الفائدة: انخفضت التوقعات بخفض سعر الفائدة إلى 43.9%.
صعود توقعات الإبقاء على الفائدة: ارتفعت التوقعات بالإبقاء على الأسعار دون تغيير إلى 56.1%.
هذا التحول يعتبر انعكاسًا كبيرًا مقارنة بتوقعات الأسبوع الماضي التي كانت تميل بقوة نحو الخفض.
وعلقت الخبيرة كارول كونج من “بنك الكومنولث الأسترالي” على الوضع قائلة: “أتوقع أن الأسواق ستتلقى أي معلومات جديدة عن الاقتصاد الأمريكي باهتمام بالغ، وسيؤدي هذا التأخر في نشر البيانات إلى إعاقة أو تأخير أي مزيد من التيسير النقدي من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي”.
بدوره، أوضح المحلل لو براين من “دي.آر.وول تريدنج”: “تعاني الأسواق من التشتت بسبب نقص البيانات… أي ضعف إضافي في بيانات سوق العمل قد يدفع الدولار لاستئناف مساره النزولي الذي شهدناه أوائل هذا العام”.
في الوقت ذاته، انخفض الدولار الأسترالي بنسبة 0.3%، والدولار النيوزيلندي بنسبة 0.2%، ليؤكد أن حركة الدولار الأمريكي الصاعدة هي محاولة لاستعادة جزء من مكانته في ظل ضعف جماعي للعملات الأخرى، بينما يبقى القرار الأكبر معلقًا بانتظار الكشف عن صحة سوق العمل الأمريكي هذا الأسبوع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى