خبير مياه يكشف تأثير سد النهضة على الزراعة المصرية.. شراقي: سد النهضة يحجز 60% من طمي النيل

في سياق الجدل المستمر حول التأثيرات البيئية لـ سد النهضة الإثيوبي على دول المصب، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن الأرقام المتداولة بشأن احتجاز السد لما نسبته 95% من طمي نهر النيل هي “رقم خيالي وغير دقيق”، مشددًا على أن المنهجية العلمية والتركيبة الهيدرولوجية للنهر لا تدعمان هذه النسبة.
تحديد النسبة العلمية لاحتجاز الطمي
خلال مداخلة هاتفية عبر قناة “الحدث اليوم”، أوضح الدكتور شراقي التباين بين مصدر الطمي والقدرة الفعلية لسد النهضة على حجزه.
ففي حين أن الهضبة الإثيوبية هي المصدر الرئيس لنحو 95% من الطمي الذي يحمله النيل، فإن سد النهضة لا يتحكم إلا في جزء من مجمل تدفقات النيل الأزرق.
وأفاد العالم الجيولوجي بأن سد النهضة يتحكم في ما يقرب من 60% من مياه النيل الأزرق. وبناءً على هذه النسبة، فإن القدرة الفعلية للسد على احتجاز الطمي لا تتجاوز 60% من حمولة الطمي الكلية للنهر، وهو ما يمثل تصحيحًا جوهريًا للنسبة المبالغ فيها التي يتم تداولها.
التكوين الجيولوجي يفسر غزارة الطمي
لفت شراقي النظر إلى التفسير الجيولوجي لغزارة الطمي، مشيرًا إلى أن الهضبة الإثيوبية تتكون من صخور البازلت التي تتميز بكونها قابلة للتفتت بفعل الأمطار الغزيرة.
هذا التكوين يفسر الحمولة الطينية الهائلة التي يحملها النيل الأزرق، وهي التي منحت النهر اسمه التاريخي.
اقتباس: “الهضبة الإثيوبية تتكون من صخور البازلت القابلة للتفتت بفعل الأمطار، وهو ما يفسر الحمولة الكبيرة من الطمي التي يحملها النيل الأزرق والتي منحت النهر اسمه الشهير.”
الطمي لم يعد مؤثرًا في مصر منذ عقود
في سياق متصل، أكد الدكتور شراقي أن تأثير احتجاز الطمي لا يلامس الزراعة المصرية بشكل مباشر في الوقت الراهن، موضحًا أن مياه النيل التي تصل إلى مصر أصبحت خالية من الطمي تقريبًا منذ سنوات طويلة.
وأشار إلى أن هذا الوضع يعود إلى وجود السدود المقامة في السودان، وفي مقدمتها سد مروي، التي تعمل على احتجاز الجزء الأكبر من الطمي قبل وصول المياه إلى الحدود المصرية، وهو وضع مستمر منذ عقود طويلة سابقة على إنشاء سد النهضة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن بحيرة ناصر في مصر تحتجز بشكل فعال أي كميات طمي محتملة قد تتسرب، مؤكدًا أن المزارعين المصريين يعتمدون بالفعل على الأسمدة الصناعية لتعويض الخصوبة التي كان يوفرها الطمي الطبيعي، وهو تحول بدأ عمليًا منذ تشييد السد العالي.
السودان هو المتأثر الأكبر
واختتم أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية تصريحه بالإشارة إلى أن التأثير الحقيقي والمباشر لاحتجاز الطمي سيظهر في جمهورية السودان.
فبحسب شراقي، كانت التربة الزراعية السودانية تعتمد بشكل أساسي على الطمي القادم مع مياه النيل لتجديد خصوبتها، ومع احتجاز هذا الطمي في بحيرة سد النهضة، سيضطر المزارعون السودانيون إلى زيادة استخدام الأسمدة الصناعية لتعويض الفاقد الطبيعي من الخصوبة، مما يضيف عبئًا اقتصاديًا وزراعيًا جديدًا.



