تقارير وتحليلات

وسط تهديد بكارثة صحية وغذائية لـ 40 مليون أمريكي.. الإغلاق الحكومي يدخل أسبوعه الخامس

 

دخل الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الخامس دون ظهور أي بوادر للحل، في ظل تعمق الخلاف السياسي الحاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وبينما يتمسك كل طرف بموقفه، يدفع ملايين الموظفين الفيدراليين والمواطنين العاديين ثمن هذا الصراع، الذي بات يهدد بتفاقم أزمة الرعاية الصحية ووقف المساعدات الغذائية مع اقتراب موعد عيد الشكر.

تبادل الاتهامات: “أوباما كير” ورجوع الرواتب
يعكس المشهد السياسي الحالي عمق الأزمة، حيث يتمسك الديمقراطيون بضرورة ربط إعادة فتح الحكومة بالتفاوض حول تمديد الإعانات الضريبية لبرنامج التأمين الصحي “أوباما كير”، الذي تنتهي مدة إعاناته نهاية العام ويغطي ملايين الأمريكيين.

في المقابل، يصر الجمهوريون على إعادة فتح الحكومة أولاً وتمرير مشروع قانون إنفاق مؤقت، قبل الدخول في أي مفاوضات حول قضايا الرعاية الصحية.

وصرح السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، بأن الديمقراطيين “يريدون ويستطيعون فعل الأمرين معًا”، مطالباً الجمهوريين بـ”الجلوس والتفاوض معنا”.

على الجانب الآخر، وجه السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي اتهاماً مباشراً للرئيس دونالد ترامب بالتهرب من المفاوضات أثناء وجوده في آسيا، مشدداً على أن “الحكومة يمكن أن تفتح بسرعة لو كانوا جادين في التفاوض”.

الموظفون الفيدراليون: نداءات عاجلة وحسابات فارغة
تتجسد الأزمة الإنسانية في فقدان ملايين الموظفين الفيدراليين لرواتبهم، مما دفع إيفريت كيلي، رئيس الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، إلى توجيه نداء عاجل لمجلس الشيوخ للموافقة على مشروع قانون إنفاق مؤقت.

وحذّر كيلي من أن “معظم الموظفين الحكوميين لم يتلقوا رواتبهم الأسبوع الماضي، وما لم تتغير الأمور، سيستيقظ المزيد من العاملين الفيدراليين يوم الجمعة المقبل ليجدوا حساباتهم البنكية فارغة”.

ومع ذلك، صوّت الديمقراطيون ضد المشروع المؤقت الثلاثاء الماضي، متمسكين بموقفهم الرافض لفصل قضية الرواتب عن قضية الرعاية الصحية.

كارثة صحية وغذائية تلوح في الأفق
تجاوزت تداعيات الإغلاق الموظفين لتطال الأمن الغذائي والصحي لملايين المواطنين. كشفت البيانات الحكومية عن ارتفاعات حادة في أقساط التأمين الصحي نتيجة انتهاء الإعانات الضريبية لـ “أوباما كير”، وهو ما اعتبره الديمقراطيون ورقة ضغط.

حذرت السيناتورة تامي بالدوين من أن “أربعة ملايين أمريكي سينظرون إلى الزيادة في الأسعار ويقررون أنها أكثر من طاقتهم، وسيعيشون دون رعاية صحية”.

ويكمن التهديد الأخطر في احتمال وقف المساعدات الغذائية لنحو 40 مليون أمريكي. وقد وصف السيناتور جون باراسو، ثاني أعلى جمهوري في مجلس الشيوخ، هذا الموقف بأنه “سياسة الألم”، متوقعاً أن يضعف ذلك مقاومة الديمقراطيين.

في المقابل، يتهم الديمقراطيون الإدارة بخرق السوابق عبر عدم تحويل التمويل الطارئ لبرامج التغذية، ويخططون لفرض تصويتات في مجلس الشيوخ لتمديد البرنامج لإحراج الجمهوريين.

مناورات تكتيكية وتزايد القلق
في ظل تصاعد الأزمة، تراجع السيناتور جون ثون، زعيم الأغلبية الجمهورية، عن خطة حزبه للتصويت على مشروعات قوانين منفصلة لدفع الرواتب وتمديد المساعدات الغذائية، خشية أن يُستخدم ذلك كغطاء سياسي للديمقراطيين لمواصلة رفض إنهاء الإغلاق.

ورغم أن بعض الديمقراطيين يعترفون سراً بوجود “تململ” داخل صفوفهم، إلا أنهم يواصلون رفض الانصياع لضغط الجمهوريين. وقد عبرت السيناتورة ليزا موركوفسكي عن قلقها من التحديات المتراكمة قائلة: “هناك الكثير الكثير من الأمور تقترب منا كالقطار السريع”.

انتخابات وعيد شكر يضغطان على المشرعين
يأتي الإغلاق مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي المقررة الثلاثاء المقبل، حيث يراقب الطرفان نتائجها كمؤشر على التداعيات السياسية لموقفهما.

كما يلوح عيد الشكر كعامل ضغط إضافي؛ فالمشرعون يخشون من أن يغادروا واشنطن لقضاء العطلة بينما الإغلاق مستمر، والموظفون، ومن بينهم مراقبو الحركة الجوية، يعملون دون رواتب في موسم سفر حاسم.

وحذر كيلي مجدداً: “مع أقل من شهر قبل عيد الشكر، لا ينبغي لأي موظف فيدرالي أن يضطر للجوء إلى بنوك الطعام لإعداد مائدة عائلته”.

وبينما يتوقع السيناتور ليندسي جراهام “اختراقاً الأسبوع المقبل”، تظل “الخسائر تتراكم” في هذا الصراع الذي تتجاوز أبعاده السياسية لتلامس معيشة وحياة ملايين الأمريكيين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى