تقارير وتحليلات

الفائزة بـ«نوبل للسلام» تمتدح نتنياهو رغم جرائم الحرب في غزة… وتشعل جدلاً حول مصداقية الجائزة

لطالما ارتبط اسم جائزة نوبل للسلام بالدفاع عن حقوق الإنسان ونشر قيم التسامح والسلام في العالم، غير أن موقف الفائزة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، أعاد إلى الواجهة تساؤلات عميقة حول مدى مصداقية هذه الجائزة وأبعادها السياسية.

فبدلًا من أن تستثمر مكانتها لتدعو إلى وقف الحرب أو حماية المدنيين، آثرت الإشادة برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه اتهامات موثقة أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

هذا الموقف أحدث صدمة واسعة وأثار موجة من الغضب والجدل، بعدما بدا وكأنه يبرر أفعالًا ترفضها القيم التي يفترض أن تجسدها الجائزة.

ماريا كورينا أجرت اتصالًا هاتفيًا بنتنياهو، عبّرت خلاله عن دعمها لقراراته في حرب غزة ووصفتها بـ«الحاسمة والشجاعة»، في وقت تواصل فيه منظمات حقوقية دولية توثيق جرائم دامية بحق المدنيين الفلسطينيين.

هذه الإشادة جاءت لتزيد من حدة الشكوك في الحياد المفترض للجائزة، ولتمنح غطاءً سياسيًا لطرف متهم بارتكاب انتهاكات خطيرة.

ومن أبرز المنتقدين لموقفها علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، الذي علّق عبر منصة «إكس» قائلًا: «شيء مقزز الحقيقة أن تشيد الحاصلة على جائزة نوبل للسلام ماريا كورينا بقرارات نتنياهو خلال حرب غزة، والمتهم من المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية داخل قطاع غزة».

وأضاف علاء مبارك أن اقتحام السياسة لجائزة نوبل جعلها جائزة «مسيّسة» تخدم أجندات بعينها، ففقدت كثيرًا من قيمتها ومصداقيتها.

ووفقًا لبيان رسمي صدر عن مكتب نتنياهو، فقد تضمنت المكالمة إشادة ماريا كورينا بجهود إسرائيل في حربها ضد إيران، في تجاهل تام لآلاف الضحايا المدنيين الذين سقطوا في غزة نتيجة القصف المستمر.

ولم يكن هذا الموقف وليد اللحظة؛ فماريا كورينا تسعى منذ فترة إلى التقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة، في إطار معركتها السياسية ضد حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، التي تتسم بعلاقات متوترة مع واشنطن وتل أبيب. كما سبق أن تعهدت بنقل سفارة فنزويلا إلى القدس حال وصولها إلى السلطة، في محاولة واضحة لاسترضاء الاحتلال وكسب دعم الولايات المتحدة.

هذا الموقف فتح الباب واسعًا أمام التشكيك في مصداقية جائزة نوبل للسلام، خصوصًا بعدما تكررت مواقف مماثلة في السنوات الأخيرة، ما دفع كثيرين إلى الاعتقاد بأنها تحولت من رمز عالمي للسلام إلى أداة سياسية تخدم مصالح بعينها.

ويبقى السؤال مطروحًا: حين تمتدح فائزة بجائزة نوبل للسلام رئيس حكومة متهم بارتكاب جرائم حرب، هل تظل هذه الجائزة تحمل نفس القيمة الأخلاقية والرمزية التي كانت لها؟ أم أنها فقدت بريقها، وأصبحت ورقة في لعبة السياسة الدولية؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى