تقارير وتحليلات

غزة والانقسام الداخلي.. حركة حماس تخدم مصالح نتنياهو

 

 

شهد قطاع غزة في الأيام الأخيرة اندلاع اشتباكات مسلحة بين عناصر حركة حماس وعدد من الجماعات العشائرية المسلحة المنتشرة في مناطق متفرقة، من بينها حي الشجاعية ومخيم جباليا ومدينة خان يونس.

ووصف الإعلام العبري هذه الاشتباكات بالانقسام الداخلي وضعف السيطرة الأمنية لحركة حماس، وهو ما أثار تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه الاشتباكات ودلالاتها على المشهد الأمني والسياسي في القطاع.

 

الجماعات المسلحة وانتشارها في غزة

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أشارت إلى أن الاشتباكات الأخيرة تمثل محاولة من حركة حماس لاستعادة سيطرتها على القطاع، عقب انتشار مجموعات عشائرية مسلحة في مناطق عدة نتيجة ضعف القدرات الأمنية للحركة.

وأضافت الصحيفة أن بعض عناصر هذه الجماعات محسوبون على عشائر محلية فقدت نفوذها بعد استيلاء حماس على الحكم في غزة، وأن تنفيذ الحركة لإعدامات ميدانية ضد أفراد اتهمتهم بالخيانة يعكس المخاوف المتزايدة لدى قياداتها من انهيار الأمن الداخلي.

 

من جهته، موقع “يو نت” الإسرائيلي أوضح أن هذه الاشتباكات تمثل نتيجة طبيعية للحرب الإسرائيلية التي استمرت قرابة عامين، والتي أضعفت قدرات حماس العسكرية، مما سمح بظهور تلك الجماعات المسلحة، التي عرفت باسم “قوات الحماية الشعبية”، والتي بدأت تتولى إدارة مناطقها بعد انسحاب عناصر حماس لتعويض الفراغ الأمني.

 

ارتباط الاشتباكات بالمواقف الإسرائيلية الرسمية

وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن هذه الاشتباكات تعد رد فعل مباشر على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي شدد على ضرورة نزع السلاح من أي كيان مسلح داخل القطاع، سواء عبر المفاوضات أو بالقوة، مؤكدًا أن استمرار أي جماعة مسلحة بعد الهدنة يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الإسرائيلي.

 

وأكد محللون إسرائيليون أن هذه الاشتباكات الداخلية تتماشى مع السياسات المستقبلية لرئيس الوزراء نتنياهو، حيث تمنحه مبررًا محتملاً لتدخل مستقبلي أو فرض وصاية أممية على قطاع غزة تحت ذريعة الحفاظ على الأمن، في حين تضع حركة حماس في موقف معقد بين الحفاظ على وجودها العسكري والأمني داخليًا، وفقدان شرعيتها السياسية جزئيًا أمام المجتمع المحلي والدولي.

 

الدور الأمريكي والموقف الدولي

 

وفي سياق متصل، أكد خبراء إسرائيليون أن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن إبقاء حركة حماس مؤقتًا في المشهد السياسي قد تمنع الانزلاق الكامل للقطاع نحو الفوضى.

ويربط الخبراء ذلك بتحسن العلاقات بين البيت الأبيض والحركة خلال جولات المباحثات السابقة، وهو ما يوفر نوعًا من الثقة الأمريكية في قدرة الحركة على حماية الأمن الداخلي للقطاع، حتى لو كان ذلك على حساب استمرار الاحتكاكات الداخلية بين الجماعات المسلحة.

 

فقدان الشرعية أمام التحديات السياسية

وأشار المحللون إلى أن الاشتباكات الأخيرة تعكس فقدان حركة حماس لشرعيتها السياسية، وهو ما يمثل عائقًا أمام الجهود الدولية الرامية إلى إعادة إعمار غزة وتسليم السلطة لجهات مدنية منظمة.

ومع زيادة الدعوات الإسرائيلية للضغط على حماس لتفكيك سلاحها، تواجه غزة معادلة صعبة، بين حركة سياسية وعسكرية تتعرض للانهيار الداخلي جزئيًا، وبين دولة إسرائيل التي تحاول تثبيت معادلة أمنية جديدة بعد الحرب، قد تشمل إشرافًا دوليًا أو أمميًا على القطاع.

 

الخلاصة

تظهر التطورات الأخيرة في قطاع غزة أن حركة حماس لا تزال تحافظ على وجودها العسكري، لكنها تواجه تحديات كبيرة على صعيد الأمن الداخلي والشرعية السياسية.

وتبقى الاشتباكات الداخلية أداة مزدوجة، من جهة تعكس ضعف السيطرة الأمنية للحركة، ومن جهة أخرى، توفر لإسرائيل مبررات للتدخل المستقبلي أو فرض وصاية دولية تحت شعار حماية الأمن القومي.

ويبدو أن الدور الأمريكي، سواء المباشر أو غير المباشر، يساهم في ضبط التوازن داخل القطاع، بما يضمن عدم انزلاق الأوضاع نحو فوضى مفتوحة، في حين تظل حركة حماس في مواجهة معقدة بين الحفاظ على سلطتها وإدارة الاشتباكات الداخلية التي تخدم مصالح أطراف خارجية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى