مباشر مصر

شرم الشيخ على موعد مع «سلام الشرق الأوسط»… قمة تاريخية تجمع قادة العالم لإنهاء حرب غزة وإحياء مفاوضات السلام

 

 

في مشهد يعيد إلى الأذهان محطات مفصلية من تاريخ المنطقة، تستعد مصر لاستضافة واحدة من أهم القمم الدولية في العقد الأخير، والتي تحمل آمالاً عريضة في إنهاء حربٍ مدمّرة وبداية مرحلة سياسية جديدة. فمن المنتظر أن تحتضن مدينة شرم الشيخ، غدًا الاثنين، «قمة شرم الشيخ للسلام» برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة أكثر من 20 من قادة وزعماء العالم.

القمة التي توصف بـ«الفرصة الأخيرة» تأتي في لحظة شديدة الحساسية، بعد شهور من التصعيد العسكري في قطاع غزة، ووسط قناعة دولية بأن استمرار الحرب يهدد بانفجار إقليمي واسع، لن تقتصر تداعياته على الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم.

مشهد مختلف في شرم الشيخ

تعيش المدينة السياحية حالة استنفار من نوع خاص. فالفنادق الكبرى امتلأت بوفود رسمية وإعلامية، بينما تُكثّف أجهزة الأمن استعداداتها لتأمين القمة التي ستُعقد في مركز المؤتمرات الدولي. هذا الزخم يعكس حجم الرهان المصري والدولي على هذه القمة، التي تهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مؤخرًا بين حماس والحكومة الإسرائيلية، وفتح الطريق أمام مفاوضات سياسية شاملة.
هدف القمة: من الهدنة إلى الحل السياسي

بحسب بيان رسمي للرئاسة المصرية، فإن الدعوة إلى القمة جاءت لـ«جمع الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية على طاولة واحدة»، في محاولة لوضع حد نهائي للحرب، وتثبيت التهدئة، وضمان تدفّق المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة المنهكين، وتهيئة الأجواء لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ سنوات.

وسيشارك في القمة قادة من أوروبا والعالم العربي، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية.

مشاركة دولية واسعة

قائمة الحضور تعكس الطابع الدولي الواسع للقمة. فقد أكدت الرئاسة الأمريكية أن ترامب سيحضر بنفسه للمشاركة في مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يُفترض أن يكون خطوة أولى على طريق إعادة إعمار غزة واستعادة الاستقرار.

من جهته، أعلن الإليزيه أن الرئيس ماكرون سيصل إلى مصر لدعم خطة السلام التي يتبناها البيت الأبيض. فيما أوضح مكتب رئيس الوزراء البريطاني أن ستارمر سيشارك أيضًا في أعمال القمة.

كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حضوره الفعلي، مشددًا على أن المنظمة الدولية ترى في قمة شرم الشيخ فرصةً «نادرة» لتحويل الهدنة الهشة إلى اتفاق دائم.

اتفاق شرم الشيخ… الخطوة الأولى

اللافت أن القمة تأتي بعد أيام من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيّز التنفيذ. فقد بدأت جموع النازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم شمال القطاع، بعد أن أعلنت قوات الاحتلال فتح ممرات الرشيد وصلاح الدين، وسط انسحاب تدريجي للآليات العسكرية.

الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه بوساطة أمريكية ورعاية مصرية، يتضمن وقفًا شاملاً للأعمال القتالية، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين من الجانبين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وهو ما وصفه مسؤول أمريكي بأنه «أهم خطوة منذ عقود نحو استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط».

القاهرة تعود إلى قلب الحدث

ليست هذه المرة الأولى التي تلعب فيها القاهرة دور الوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكن ما يميز هذه اللحظة، بحسب محللين، أن القمة الحالية تأتي في ظل توافق دولي نادر، ودور أمريكي مباشر عبر ترامب الذي يريد أن يترك بصمته على واحدة من أعقد ملفات المنطقة.

وترى مصادر دبلوماسية أن مصر تحاول من خلال القمة صياغة «خريطة طريق سياسية» تتجاوز وقف النار، نحو مفاوضات سلام أوسع يمكن أن تعيد إحياء حل الدولتين.

تحديات على الطريق

رغم الأجواء الإيجابية المحيطة بالقمة، يدرك المشاركون أن الطريق لن يكون مفروشًا بالورود. فملفات مثل مستقبل سلاح المقاومة، وترتيبات الأمن على الأرض، وملف الأسرى، وإعادة الإعمار، ستفرض نفسها على طاولة النقاش بقوة.

ويرى مراقبون أن نجاح القمة مرهون بمدى استعداد الأطراف كافة لتقديم تنازلات مؤلمة، في مقابل تحقيق مكاسب استراتيجية كبرى على صعيد الأمن والاستقرار والتنمية.

أمل جديد للمنطقة

القمة التي ستُختتم بتوقيع «اتفاق شرم الشيخ» يُنتظر أن تُعلن عن انطلاق مسار سياسي جديد برعاية دولية، يعيد للقضية الفلسطينية مكانتها على أجندة العالم، ويمنح شعوب المنطقة فرصة لالتقاط الأنفاس بعد سنوات طويلة من الصراع.

وفيما تُسلّط أنظار العالم على شرم الشيخ، يبقى السؤال الكبير: هل تنجح هذه القمة في تحويل هدنةٍ هشة إلى سلامٍ دائم؟ أم تظلّ خطوة أخرى في طريقٍ مليء بالعقبات؟

الإجابة لن تتأخر كثيرًا… فالساعات المقبلة قد تصنع التاريخ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى