فشل حكومة الـ 12 ساعة.. استقالة رئيس وزراء فرنسا تضع ماكرون في أزمة غير مسبوقة

دخلت فرنسا في أزمة سياسية عميقة وغير مسبوقة بعد الإعلان الصادم عن استقالة رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، صباح اليوم الاثنين، بعد 12 ساعة فقط من الإعلان عن تشكيلة حكومته الجديدة. بهذا، يسجل لوكورنو، البالغ من العمر 39 عاماً، رقماً قياسياً ليكون أقصر رئيس وزراء في تاريخ الجمهورية الخامسة، بعد أن قضى 27 يوماً فقط في المنصب، وفقاً لما ذكرته صحيفة “لوموند” الفرنسية.
قبل الرئيس إيمانويل ماكرون استقالة لوكورنو في بيان مقتضب من قصر الإليزيه، منهياً بذلك محاولة فاشلة لتشكيل حكومة توافقية، الأمر الذي أثار غضباً عارماً بين الحلفاء والمعارضة على حد سواء.
عاصفة الانتقادات تطيح بالتشكيلة الحكومية
كان وزير الدفاع السابق، لوكورنو، قد كشف عن تشكيلة حكومته مساء الأحد، لكنها قوبلت بعاصفة من الانتقادات التي جعلت موقفه مستحيلاً. وجاءت التشكيلة، التي احتفظ فيها 11 وزيراً بحقائبهم، شبه متطابقة مع حكومة سلفه فرانسوا بايرو، الأمر الذي أثار حفيظة الجميع لفشلها في تحقيق “القطيعة” والتغيير الموعود، بحسب صحيفة “ليبراسيون”.
انهيار تحالف الحكم والمطالبة بانسحاب الوزراء
لم تقتصر ردود الفعل الغاضبة على المعارضة، بل شكلت انتقادات الحلفاء المسمار الأخير في نعش الحكومة السريعة:
انتقاد الحلفاء: انتقد وزير الداخلية برونو ريتايو، زعيم حزب الجمهوريين الحليف، التشكيلة بعد ساعتين فقط من تعيينه، واصفاً إياها بأنها “لا تعكس القطيعة الموعودة”. وذهب كزافييه برتران، أحد قادة الجمهوريين، إلى حد المطالبة بانسحاب جميع وزراء الحزب من الحكومة، واصفاً الوضع بـ “المهزلة” و”الكارثة”.
تصويت حجب الثقة محتوم: أعلن الأمين العام للحزب الاشتراكي أوليفييه فور أنه “مصدوم”، وأكد أنه لا يرى ما يمنعه من التصويت بحجب الثقة ما لم يتم إلغاء إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل. كما اعتبر التجمع الوطني اليميني المتطرف أن حجب الثقة “أمر بديهي”، ودعا رئيس الحزب جوردان بارديلا إلى حل الجمعية الوطنية فوراً.
تصعيد خطير: مطالب بعزل الرئيس ماكرون
في تصعيد لم يسبق له مثيل، تجاوزت المطالبات استقالة رئيس الوزراء لتصل إلى الرئيس نفسه:
طالب زعيم حزب “فرنسا الأبية” اليساري المتطرف جان لوك ميلنشون بالفحص “الفوري” لاقتراح عزل الرئيس ماكرون، كما دعت القيادية البارزة في الحزب ماتيلد بانو إلى استقالة ماكرون مباشرة.
انضم ديفيد ليسنار، نائب رئيس حزب الجمهوريين، إلى هذه المطالب، مؤكداً أن “مصلحة فرنسا تقتضي أن يبرمج ماكرون استقالته”.
ماكرون أمام طريق مسدود في ظل أزمة اقتصادية
تضع هذه الاستقالة الرئيس ماكرون أمام تحدٍ غير مسبوق، حيث سيبحث عن خامس رئيس وزراء له في ما يزيد قليلاً عن عام واحد. وتعود جذور الأزمة إلى قرار ماكرون بحل البرلمان في الصيف الماضي، الذي أفرز مجلساً منقسماً بين ثلاث كتل متناحرة، لا تملك أي منها أغلبية كافية للحكم.
وتتزامن هذه الاضطرابات السياسية مع حاجة فرنسا الملحة إلى إقرار موازنة تقشفية للعام المقبل، في ظل وصول نسبة الدين العام الفرنسي إلى مستويات قياسية، لتصبح ثالث أعلى نسبة في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان وإيطاليا. ومع فشل لوكورنو في الوفاء بوعده بالتخلي عن استخدام المادة الدستورية 49.3 لتمرير الموازنة دون تصويت، يظل الفراغ السياسي قائماً والأزمة الاقتصادية تتفاقم.