تقارير وتحليلات

جدل واسع حول خطاب ترامب وهيجسيث.. ومخاوف من تسييس الجيش الأمريكي وعسكرة الحياة المدنية

أثار خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير دفاعه مارك هيجسيث أمام الجنرالات والأدميرالات في قاعدة كوانتيكو بولاية فرجينيا جدلاً واسعًا، بعد أن تضمن إشارات مثيرة حول استخدام المدن الأمريكية كـ “ميدان تدريب” للقوات، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لتسييس المؤسسة العسكرية وعسكرة الحياة المدنية داخل الولايات المتحدة.

وقالت شبكة سي إن إن إن الخطاب الذي وصفته بـ “المشهد المشؤوم على الجيش” أثار مخاوف بشأن محاولات توظيف الجيش في السياسة الداخلية، مع تحيز واضح لمواقف ترامب السياسية وانتقاده المستمر للديمقراطيين والمؤسسات الإعلامية والأكاديمية. وتضمنت كلمات ترامب وعباراته توجيه رسائل واضحة للحاضرين حول ضرورة تأييد سياساته والالتزام بتوجيهاته، ما اعتبره محللون خطوة غير مسبوقة في تاريخ التعامل بين القيادة السياسية والمؤسسة العسكرية.

وأضافت الشبكة أن هذا الخطاب جاء بعد سلسلة من الأحداث التي أظهرت ضغوطًا سياسية على القيادة العسكرية، إذ سبق أن انتقد قاضٍ فيدرالي استخدام الجيش في لوس أنجلوس، مشيرًا إلى أن مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي شككوا في ولاء اللواء سكوت شيرمان بعد اعتراضه على عرض عسكري خططت له الإدارة، ما يمثل نموذجًا واضحًا لتأثير السياسة على القرارات العسكرية. ووصف مسؤول سياسي شيرمان، الذي خدم ثلاثين عامًا وشارك في حرب العراق، بأنه “غير مخلص” لمجرد اعتراضه على الخطط، وهو ما أظهر الصعوبات التي تواجه القيادات العسكرية في الحفاظ على استقلالية قراراتها أمام الضغوط السياسية.

وأشار التقرير إلى أن خطاب ترامب في كوانتيكو لم يقتصر على الإشارات الرمزية، بل تضمنت كلماته دعوات صريحة لتجنيد الجنرالات والأدميرالات ضمن برنامجه السياسي، مع تقديم المدن الكبرى مثل شيكاغو ونيويورك ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو كمناطق تدريب للحرس الوطني والجيش، ووصف الوضع في هذه المدن بأنه “حرب من الداخل” تحتاج إلى تصحيح. كما حاول ترامب إشراك الحضور في قرارات تقييم القيادة العسكرية، ودعاهم إلى الموافقة على نهجه في التعامل مع المتظاهرين وفق شعار “هم يبصقون ونحن نضرب”.

وأضافت سي إن إن أن خطاب هيجسيث، رغم تركيزه على معايير اللياقة والانضباط، حمل أيضًا رسائل سياسية، حيث هاجم “وعي الجيش”، وانتقد المتحولين جنسيًا، ووصف الإعلام والمؤسسات الأكاديمية بأنهم خصوم للقادة العسكريين، مؤكدًا أن الجامعات النخبوية لن تفهم الجيش وأن وسائل الإعلام ستشوّه صورته.

وأظهرت الشبكة أن هذه التصريحات أثارت قلقًا واسعًا بين العسكريين والمدنيين على حد سواء، حيث اعتبر محللون أن تسييس الجيش الأمريكي واستخدامه كأداة للضغط السياسي يمثل خطرًا على الاستقرار الداخلي ويهدد مبدأ الفصل بين السلطات المدنية والعسكرية، كما أظهرت استطلاعات رأي أجرته نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا أن العديد من الناخبين يخشون أن يُستخدم الجيش من أجل ترهيب الخصوم السياسيين أكثر من حماية المدنيين من الجريمة أو حالات الطوارئ.

ورغم الانتقادات، واصل ترامب خطاباته في كوانتيكو، مؤكدًا أن الاعتراض أو النقد قد يؤدي إلى فقدان الرتبة والمستقبل العسكري، في رسالة واضحة للحاضرين حول ضرورة الالتزام بالخطوط السياسية والإشارات التي أراد نقلها، وهو ما يعكس تصاعد المخاوف بشأن عسكرة الحياة المدنية وتسييس المؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى