مقعد بـ25 مليونًا و50 للمرشحين الجدد.. جدل واسع حول اتهامات ببيع “كرسي البرلمان”

شهد الشارع السياسي خلال الأيام الماضية حالة من الغليان، بعد تصريحات أثارت جدلًا واسعًا أدلت بها حنان شرشر، أمينة حزب حماة الوطن في منطقة الوراق، حيث زعمت أن الحزب طلب منها 25 مليون جنيه للحصول على مقعد داخل مجلس النواب، في واقعة وصفت إعلاميًا بـ”تسعيرة كرسي البرلمان”.
حنان أكدت في فيديو انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي أن المبلغ المطلوب منها كان 25 مليون جنيه فقط باعتبارها منضمة للحزب منذ 6 سنوات، بينما المرشحين الجدد يطلب منهم 50 مليون جنيه، ما فتح أبواب التساؤلات والاتهامات على مصراعيها.
لكن على الجانب الآخر، سارع قيادات الحزب إلى نفي الاتهامات. النائب أحمد بهاء شلبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، قال إن ما يُثار مجرد “أكاذيب لا أساس لها”، مؤكدًا أن اختيار المرشحين يتم وفق معايير الكفاءة، النشاط الحزبي، والشعبية في الدائرة، بجانب القدرة على تمويل الدعاية الانتخابية، باعتبار أن العمل السياسي يحتاج موارد للتسويق.
في المقابل، إسماعيل نصر الدين، أمين عام قطاع جنوب القاهرة بالحزب ونائب سابق، شدد على أن كل الأحزاب في العالم تعتمد على تبرعات أعضائها لدعم أنشطتها، لكن ذلك لا يعني بيع مقاعد البرلمان. وأشار إلى أن شرشر لم تنطبق عليها المعايير الحزبية، لذلك لم يتم الدفع بها كمرشحة، نافيًا صحة مزاعمها.
أما خارج الحزب، فقد تنوعت ردود الفعل. عبدالمنعم إمام، رئيس حزب العدل، أوضح أن حزبه لم ولن يطلب أموالًا من أي مرشح، قائلًا: “في انتخابات الشيوخ دخل ناس القوائم عندنا من غير ما يدفعوا مليم، لأنهم كوادر حقيقية”.
في المقابل، مجدي حمدان، القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية، زعم أن هناك بالفعل أحزابًا تطلب ملايين الجنيهات مقابل الدفع بالمرشحين على قوائمها، خصوصًا أحزاب “القائمة الوطنية من أجل مصر”، معتبرًا أن المقعد البرلماني صار لدى بعض القوى السياسية “مشروعًا استثماريًا” وليس تكليفًا شعبيًا.
الأخطر ما كشفه عن أن بعض المرشحين الذين يدفعون تلك المبالغ يسعون لاحقًا لتعويضها من خلال استغلال مناصبهم، سواء عبر الصفقات الاقتصادية أو العلاقات الخارجية التي تفتحها لهم اللجان البرلمانية، بما يجعل المنصب أداة لتحقيق مصالح شخصية.
في السياق نفسه، رأى المهندس إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي، أن الادعاء ببيع المقاعد يمثل خطورة شديدة على الحياة الحزبية برمتها. وأكد أن منع أصحاب الكفاءة والشعبية من الترشح لصالح أصحاب الأموال يفرغ البرلمان من جوهره الحقيقي كمنبر يمثل كافة أطياف الشعب.
ولم يخلُ الأمر من روايات مثيرة، إذ كشف قيادي سياسي – رفض ذكر اسمه – عن واقعة طلب 40 مليون جنيه من أحد الراغبين في الترشح، لكنه تراجع بعدما اكتشف أن الحزب غير مدرج ضمن “القائمة الوطنية”، فاتجه إلى حزب آخر، وهو ما يكشف حجم السوق الخفي المرتبط بالانتخابات.
من الناحية القانونية، يؤكد الدكتور طارق خضر، أستاذ القانون الدستوري، أن الأحزاب لها الحق في طلب مساهمات مالية من المرشحين لتغطية تكاليف الدعاية الانتخابية، لكن ما يتجاوز الحدود المعقولة ويصل إلى عشرات الملايين يعد أمرًا غير مقبول، ويتنافى مع مبادئ قانون الأحزاب وروح الدستور.
لتبقى القضية الأهم: هل ما يُقال عن بيع المقاعد حقيقة أم مجرد صراع داخلي بين الأجنحة الحزبية؟ الحقيقة المؤكدة أن الجدل المشتعل حول “تسعيرة البرلمان” وضع علامات استفهام كبيرة حول نزاهة الممارسة السياسية، وطرح تساؤلات عن مستقبل العمل النيابي في مصر، وما إذا كان البرلمان القادم سيعكس فعلًا إرادة الناس أم فقط قدراتهم المالية.