تقارير وتحليلات

اعتراف يهز تل أبيب.. قرار بريطانيا وكندا وأستراليا يربك حسابات إسرائيل

في لحظة اعتبرها كثيرون منعطفا تاريخيا، أعلنت ثلاث دول غربية كبرى، المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. الخطوة التي رحب بها الفلسطينيون واعتبروها تراكمًا دبلوماسيًا ضروريًا، هزت الداخل الإسرائيلي على نحو غير مسبوق، وفتحت الباب أمام أسئلة شائكة: هل يتحول هذا الاعتراف إلى موجة دولية جديدة تعيد رسم خريطة الصراع، أم أن إسرائيل سترد بقرارات أكثر تشددًا تنذر بتصعيد أخطر؟

بين ارتباك الحكومة الإسرائيلية وغضب اليمين المتطرف واتهامات المعارضة لحكومة بنيامين نتنياهو بالتقصير، بدا المشهد السياسي في تل أبيب وكأنه يقف عند مفترق طرق.

اضطراب في الحكومة الإسرائيلية
بمجرد إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن الاعتراف بدولة فلسطين خطوة نحو تعزيز السلام الدائم، اندفعت ردود الأفعال الإسرائيلية على شكل بيانات وتصريحات غاضبة.
وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير وصف الاعتراف بأنه جائزة للإرهاب، متوعدا بطرح خطة عاجلة لضم الضفة الغربية.
أما رئيس الكنيست أمير أوهانا فاختصر موقفه بصورة ساخرة حملت شعار اختار العار في إشارة إلى ستارمر.

معارضة داخلية تتهم نتنياهو
لم يكن غضب اليمين وحده في المشهد؛ زعيم المعارضة يائير لابيد حمل الحكومة كامل المسؤولية واعتبر أن الاعتراف كارثة دبلوماسية كان يمكن تفاديها بدبلوماسية مهنية.
الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد؛ فبيني جانتس حذر من أن موجة الاعترافات قد تعقد أي صفقة محتجزين، بينما رأى مجلس مستوطنات الضفة الغربية أن الحكومة التي لا تضم الضفة فورا يجب أن ترحل.

دعوات إلى ضم الأراضي المحتلة
تصاعدت الأصوات المطالبة بضم الضفة الغربية باعتبارها الرد المناسب. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أعاد التلويح بخطته القديمة لضم 82 في المئة من أراضي الضفة، محذرا من أن الاعتراف الدولي يقترب من تثبيت واقع الدولة الفلسطينية.
أما وزير الثقافة ميكي زوهار فاعتبر الاعتراف كراهية لإسرائيل في ثوب دبلوماسي، ودعا إلى سيادة كاملة على الضفة كإجراء مضاد.

الموقف الفلسطيني: خطوة لا رجعة فيها
على الجانب الفلسطيني، رحب الرئيس محمود عباس بالخطوة واعتبرها ضرورية لتحقيق السلام العادل والدائم. وزارة الخارجية الفلسطينية وصفت الاعتراف بأنه قرار لا رجعة فيه، يرسخ حل الدولتين ويقرب حلم الدولة الفلسطينية المستقلة.

قراءة في المشهد
دبلوماسيا: ارتفاع عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى 159 يعكس اتساع الفجوة بين إسرائيل والغرب، حتى من أقرب حلفائها.
سياسيا: الانقسام الإسرائيلي الداخلي يضع حكومة نتنياهو في موقف أضعف، بين ضغط اليمين المتطرف واتهامات المعارضة.
استراتيجيا: التهديدات بضم الضفة قد تدفع نحو مواجهة مفتوحة تعقد أي مساع لوقف الحرب أو إحياء المفاوضات.

الخلاصة
ما حدث لم يكن مجرد إعلان بروتوكولي من ثلاث دول، بل رسالة سياسية كبرى لإسرائيل مفادها أن صبر العالم بدأ ينفد، وأن فكرة الدولة الفلسطينية لم تعد ورقة تفاوضية بل واقعا يفرض نفسه. وفي المقابل، تبدو تل أبيب أسيرة انقساماتها الداخلية وصعود أصوات اليمين التي قد تدفع الأمور نحو انفجار جديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى