مصر وإسرائيل علي شفا المواجهه ..تحليل إسرائيلي يحذر من توتر إقليمي

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والحرب المستمرة في غزة، حذّر سفير وباحث سياسي إسرائيليان من أن تل أبيب تخاطر بعلاقاتها مع القاهرة، أهم جار عربي وشريك أساسي لها منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عامي 1978 و1979.
وفي تحليل مطول نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، اعتبر السفير الإسرائيلي السابق مايكل هراري والباحث جابرييل ميتشل أن إجراءات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أدت إلى توتر العلاقات مع مصر، ووصلت إلى طريق الانهيار الكامل، ما يهدد الركيزة الأساسية للأمن الإقليمي لإسرائيل بأسره.
هراري، الذي شغل مناصب دبلوماسية في إسرائيل ومصر والمملكة المتحدة وقبرص، وميتشيل، زميل زائر في صندوق مارشال الألماني ومدير المبادرات الاستراتيجية في جامعة نوتردام،
أشارا إلى أن الأزمة بدأت إثر هجوم حركة المقاومة الفلسطينية حماس في 7 أكتوبر 2023، إذ رأت القاهرة أن الغزو الإسرائيلي لغزة يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
ورفضت مصر جميع المحاولات الإسرائيلية، سواء كانت خفية أو علنية، للضغط عليها لقبول فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، معتبرة ذلك انتهاكًا لحقوق الفلسطينيين وتهديدًا للأمن القومي المصري.
وقد بدأت مصر في بناء توافق عربي حول خطط بديلة لما بعد الحرب في غزة، بهدف تمكين إدارة فلسطينية تكنوقراطية، إلى جانب تدريب مئات الفلسطينيين في الأكاديميات العسكرية المصرية ليكونوا جزءًا من قوة يصل قوامها إلى عشرة آلاف جندي لتأمين قطاع غزة، وفق ما نقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين عرب.
محمود الهباش، كبير مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أكد أن “لا ينبغي أن تكون حماس جزءًا من اليوم التالي”، وأضاف: “بدون السلطة الفلسطينية، إما حماس أو الفوضى”،
موضحًا أن المجتمع الدولي سيغطي التكاليف، وأن 5 آلاف عنصر أمني سيبدأون التدريب في مصر فور وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر تقريبًا.
ومصر تسعى لإجهاض المقترح الإسرائيلي لما تسمى بـ”الهجرة الطوعية” للفلسطينيين، وهو ما اعتبرته القاهرة استفزازًا متعمدًا يهدد استقرار المنطقة.
وقد تكبدت مصر ثمنًا باهظًا جراء الحرب، من تضرر السياحة إلى تحويل مسارات الملاحة العالمية بعيدًا عن قناة السويس وانقطاعات الغاز الطبيعي الإسرائيلي، ما زاد من مشاكل التضخم وأدى إلى اتساع الفجوات المالية واعتماد أكبر على القروض الدولية.
وأشار الكاتبان الإسرائيليان إلى أن مصر تشعر أيضًا بالقلق من التأثير الاقتصادي للممر التجاري المقترح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، إذ يخشى أن يضع البلاد في موقف صعب من خلال فتح طرق بديلة تمر عبر إسرائيل والأردن وتتجاوزها.
التوتر تصاعد بعد استيلاء إسرائيل عسكريًا على معبر رفح من الجانب الفلسطيني في مايو 2024، واستمرار عملياتها على طول ممر فيلادلفيا، وهو ما اعتبرته مصر انتهاكًا لبنود اتفاقية كامب ديفيد وسيادة البلاد، فحشدت الجيش على الحدود وشددت من خطابها تجاه تل أبيب، حتى وصف الرئيس السيسي إسرائيل بـ”العدو” للمرة الأولى منذ اتفاقية السلام عام 1979.
في الوقت نفسه، ألمحت إسرائيل إلى تهديد علاقتها الاقتصادية مع مصر لضمان تعاون القاهرة، بما في ذلك اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي بقيمة 35 مليار دولار، وهو ما اعتبره التحليل الإسرائيلي ضغطًا قصير المدى قد يضر بالعلاقة على المدى الطويل.
وأكد السفير والباحث أن إسرائيل بحاجة لإعادة تقييم سياستها تجاه مصر قبل أن تُلحق ضررًا دائمًا بالسلام البارد، إذ أن أي مساس باتفاقيات كامب ديفيد سيخلق حالة من الغموض الاستراتيجي على الحدود، ويضعف قدرة إسرائيل على التفاوض بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار مستقبلًا، كما يهدد اتفاقيات السلام المستقبلية مع السعودية ودول المنطقة ويقلل من الثقة في التزامات إسرائيل.
وأضاف التحليل أن تقليص التعاون الأمني المصري مع تل أبيب سيضعف العمق الاستراتيجي لإسرائيل في جبهتها الجنوبية، ويجعل حدودها الممتدة 206 كيلومترات مع مصر معرضة للتهديدات. وأشار الكاتبان إلى أن اتفاقية كامب ديفيد تتآكل، وحثا إسرائيل على التوقف عن خطتها لتهجير الفلسطينيين من غزة، والتوصل إلى شروط مرضية للطرفين بشأن السيطرة الأمنية على طول الحدود، وحماية التعاون في الطاقة، وتعزيز دور مصر كوسيط بدلاً من تقويضه.
واختتم التحليل بأن “السلام بين إسرائيل ومصر ليس مجرد ذكرى من الماضي، بل ركيزة أساسية حية ومتطورة لأمن إسرائيل الإقليمي”، مؤكدًا أن أي تراجع في العلاقة قد يخلق أزمات كبيرة على المستويات الإقليمية والاقتصادية والأمنية.