تقارير وتحليلات

حرب أوكرانيا تدخل مرحلة الاستنزاف.. سباق طويل بين جبهة كييف واقتصاد موسكو

منذ أن اندلعت حرب روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022، والعالم يترقب لحظة الحسم. لكن مع مرور أكثر من ثلاث سنوات، بدا واضحًا أن الصراع تجاوز فكرة “الضربة القاضية” ليدخل في مرحلة الاستنزاف، حيث يراهن كل طرف على سقوط الآخر تحت ضغط الزمن.

بوتين ورهان “الوقت الطويل”
بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المعركة لم تعد مجرد حرب حدودية، بل اختبار تاريخي يعيد رسم صورة روسيا كقوة عظمى في مواجهة الغرب.
بوتين، بحسب تقارير أمريكية، يعتقد أن أوكرانيا ستصل إلى حد الانهاك قبل موسكو، وأن الغرب لن يظل قادرًا على تمويل الحرب بلا نهاية.

تجاهله لمبادرات وقف إطلاق النار السابقة – بما فيها مقترحات أمريكية بتسوية إقليمية – يؤكد أن رهانه الأساسي هو “النَفَس الطويل”: أن يصمد أكثر من خصمه حتى يفرض شروطه في النهاية.

اقتصاد روسيا بين القوة والإنهاك
ورغم الحصار الغربي، أظهر الاقتصاد الروسي قدرة على امتصاص الضربة الأولى بفضل ارتفاع أسعار الطاقة وتوجيه صادرات النفط والغاز إلى آسيا.

لكن هذه القدرة بدأت تتآكل تدريجيًا؛ العجز في الموازنة يتفاقم، والمصانع المدنية تتحول لخدمة آلة الحرب، والاعتماد على الصين والهند بات ورقة ضغط قد تنقلب في أي لحظة.

الرهان الروسي اليوم: هل يستطيع الاقتصاد تحمّل سباق تسلح مفتوح؟** أم أن كلفة الحرب ستضطر الكرملين لتقليص طموحاته أو تعديل استراتيجيته؟

معضلة أوكرانيا.. البشر قبل السلاح
على الجانب الآخر، تبدو أوكرانيا أكثر عرضة للاستنزاف البشري. خسائر الجنود كبيرة، والتجنيد الإجباري أثار تململًا اجتماعيًا، خصوصًا مع شعور بعض الفئات أن عبء الحرب يقع على مناطق معينة أكثر من غيرها.

صحيح أن كييف تلقت دعمًا عسكريًا غربيًا هائلًا – صواريخ، مدفعية، دفاعات جوية – لكن المشكلة الأعمق تبقى: من سيحمل السلاح؟
وهنا تلجأ أوكرانيا إلى أسلوب جديد: الاعتماد على التكنولوجيا لتعويض نقص الأفراد. الطائرات المسيّرة، الألغام الذكية، والمدفعية الدقيقة أصبحت “جيشًا ثانيًا” إلى جانب الجنود، لكن هذا وحده لا يكفي لإيقاف زحف القوات الروسية.

حرب الطائرات المسيّرة.. “النفط في مرمى النار”
الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية مثّلت تحولًا مهمًا في المعركة.
ضرب المصافي وخطوط الأنابيب لم يكن فقط لإضعاف التمويل الروسي، بل لإرسال رسالة داخلية للروس أن الحرب بدأت تطرق أبواب حياتهم اليومية.

وفي مناطق عديدة، ظهرت طوابير الوقود كنتيجة مباشرة لهذه العمليات.

ما الذي ينتظر العالم؟
السيناريو الأكثر ترجيحًا، وفق كثير من المحللين، هو استمرار حرب الاستنزاف لعامين أو ثلاثة آخرين، ما لم يحدث تغيير مفاجئ في ميزان القوى.
فالغرب ما زال يمد أوكرانيا بالسلاح لكنه أكثر حذرًا من الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع موسكو، وروسيا مصممة على إبقاء “الجرح الأوكراني” مفتوحًا لإعادة رسم التوازنات في أوروبا.

الخلاصة
الحرب اليوم لم تعد فقط على الأرض الأوكرانية، بل في حسابات الوقت والاقتصاد والسياسة الداخلية.
أوكرانيا تسابق الزمن كي لا تُستنزف بشريًا، وروسيا تحاول الصمود اقتصاديًا رغم العقوبات، فيما يقف الغرب أمام معضلة: إلى أي مدى يمكن تمويل حرب طويلة بلا أفق واضح؟

النتيجة: صراع مفتوح بلا نهاية قريبة، حيث كل يوم إضافي في الميدان يزيد من فاتورة الدم والمال، ويجعل لحظة التسوية – حين تأتي – أشد تعقيدًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى