رحيل زياد الرحباني.. فيروز تودّع “موسيقارها الخاص” بعد 6 ألبومات خالدة

رحيل زياد الرحباني.. فيروز تودّع “موسيقارها الخاص” بعد 6 ألبومات خالدة
ودّع لبنان والعالم العربي، اليوم الإثنين 28 يوليو 2025، الموسيقار والمبدع زياد الرحباني، في جنازة مهيبة أقيمت داخل كنيسة “رقاد السيدة” في المحيدثة بكفيا، بحضور والدته السيدة فيروز، وشقيقته ريما الرحباني، وعدد كبير من الفنانين والمحبين الذين جاؤوا لتوديع موسيقار لم يشبه أحد.
وتوفي زياد صباح السبت 26 يوليو 2025 عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد مسيرة فنية وإنسانية نادرة، جمعت بين الإبداع الموسيقي العابر للأجيال، والنقد السياسي الساخر، والمواقف الجريئة التي صنعت له شعبية كبيرة ومكانة خاصة في وجدان الجمهور العربي.
أول لحن وأول حكاية: “سألوني الناس”
بدأت قصة زياد مع أمه فيروز عام 1973 عندما لحّن لها أغنية “سألوني الناس”، إثر دخول والده عاصي الرحباني المستشفى، ليكون بذلك أول من حمل مشعل الموسيقى من يد الأخوين رحباني وبدأ يخط ملامح مرحلة جديدة في تاريخ الأغنية اللبنانية.
وفي عام 1979، أطلق مع فيروز ألبوم “وحدن”، إيذانًا بمرحلة كاملة من التعاون الفني الممتد الذي سيستمر لأربعة عقود، ويؤسس لهوية موسيقية حديثة لفيروز، جمعت بين روح العصر والوفاء للأصالة.
6 ألبومات خالدة ومئات الألحان
قدّم زياد لفيروز 6 ألبومات استثنائية بدأت بـ”وحدن”، ثم “معرفتي فيك” (1987)، و**”كيفك إنت” (1991)، و”إلى عاصي” (1995)، و”مش كاين هيك تكون” (1999)**، وصولًا إلى “ببالي” (2017)، الذي مثّل الختام الفني لهذا التعاون النادر.
ولحّن لها عشرات الأغاني الخالدة مثل:
“كيفك إنت”، “قهوة”، “عودك رنان”، “ولا كيف”، “يا عصفور البرد”، “سفينتي بانتظاري”، “رح نبقى سوى”، “زعلي طول”، “الحالة تعبانة”، “سألوني الناس”، وغيرها من الأعمال التي شكلت وجدان أجيال كاملة.
حفلات بيت الدين: قمة التناغم الأمومي الفني
في عام 2000، شهد قصر بيت الدين واحدًا من أروع المشاهد الموسيقية في تاريخ الأغنية اللبنانية، حين وقفت فيروز تؤدي أغانيها بصوتها الملائكي، بينما جلس زياد إلى البيانو يقود أوركسترا ضمت موسيقيين من لبنان وسوريا وأرمينيا، في مشهد جسّد أعلى درجات التفاهم الفني بين أم وابنها.
2000 مدرسة موسيقية.. ورسالة وداع مبطنة
مع ابتعاده لاحقًا عن الألحان وتفرغه للمسرح السياسي والكلمة الناقدة، واجه زياد تحديات صحية أثرت على نشاطه الفني. لكن إرثه بقي ثابتًا، يتردد اليوم في كلمات وداعه، التي كأنها خرجت من لحنه:
“أنا صار لازم ودعكن وخبركن عني.. أنا كل القصة لو منكن ما كنت بغني.”
فيروز في لحظة الفقد
اليوم، وقفت فيروز أمام نعش ابنها، لا تودّع فقط ابنها الوحيد، بل تودّع “موسيقارها الخاص”، الذي فهم صوتها كما لم يفهمه أحد، وأعاد تقديمه بصياغة جديدة عابرة للزمن.
يرحل زياد الرحباني، ويترك خلفه ما يزيد عن 2000 لحن وتوزيع موسيقي ومسرحية، وإرثًا ثقافيًا سيبقى شاهدًا على عبقرية فنية لا تتكرر، وعلى قصة حب نادرة بين أم وابن صاغا معًا جزءًا خالدًا من وجدان العالم العربي