خطة وقف إطلاق النار في غزة تُشعل الخلافات في إسرائيل.. انقسام حاد داخل حكومة الاحتلال

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الساحة السياسية الإسرائيلية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، أن إسرائيل وافقت رسميًا على مبادئ خطة وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يومًا، وهي فترة مؤقتة من المقرر استغلالها للتفاوض على اتفاق نهائي يهدف إلى إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس وإنهاء العمليات العسكرية المستمرة منذ شهور.
وبالرغم من الإعلان الأمريكي الذي اعتُبر مؤشرًا على تحقيق تقدم في مساعي التهدئة، كشفت صحيفة «معاريف» العبرية أن خطة وقف إطلاق النار تواجه معارضة صريحة من داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وتحديدًا من وزراء اليمين المتطرف الذين يرفضون أي تفاهمات مع حماس مهما كانت دوافعها.
وفي تطور لافت، بادر وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، صباح اليوم، بدعوة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لعقد اجتماع عاجل يهدف إلى تنسيق الجهود داخل اليمين لعرقلة خطة التهدئة والصفقة المرتقبة، معتبرًا أن تعاون الفصيلين اليمينيين كفيل بإسقاط الاتفاق المقترح. ونقلت وسائل الإعلام العبرية رسالة بن جفير التي أكد فيها رفضه القاطع «لأي تفاهم مع حماس حتى لو كان الهدف استعادة المحتجزين»، إلا أن سموتريتش لم يُصدر ردًا رسميًا حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وأعادت هذه التطورات للأذهان مواقف بن جفير وسموتريتش من صفقة الأسرى السابقة في يناير الماضي، حيث عارض الوزيران الصفقة حينها بشدة، وذهب بن جفير حد تقديم استقالة مؤقتة من الحكومة قبل أن يتراجع لاحقًا بعد استئناف العمليات العسكرية ضد قطاع غزة.
في المقابل، سارعت شخصيات المعارضة الإسرائيلية إلى إعلان دعمها الصريح لمبادرة وقف إطلاق النار والاتفاق المرتبط بها لإطلاق سراح المحتجزين، حيث أكد زعيم المعارضة يائير لابيد استعداده لتوفير شبكة أمان برلمانية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إذا قرر المضي قدمًا في الصفقة رغم اعتراض شركائه من اليمين المتطرف. وقال لابيد في منشور عبر حساباته على مواقع التواصل: «نتنياهو، لديك 13 إصبعًا مع بن جفير وسموتريتش، لكن من جهتنا هناك 23 إصبعًا تشكل شبكة أمان لإعادة جميع المختطفين فورًا».
وأيّد وزير الخارجية جدعون ساعر الخطة الأمريكية، معتبرًا أن «هناك أغلبية واضحة داخل الحكومة وبين صفوف المواطنين تؤيد صفقة إطلاق سراح المحتجزين»، مضيفًا: «إذا كانت هناك فرصة حقيقية لإتمامها، يجب اغتنامها فورًا دون تردد».
وفي المقابل، حذر وزير الشتات عميحاي شيكلي من التسرع، مشيرًا إلى أن «الخطة لم تُعرض بعد على الحكومة بشكل رسمي»، ما يعكس استمرار حالة الانقسام داخل المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) حول مسار المفاوضات وأولويات الحرب في غزة.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الحكومة الإسرائيلية على إيجاد صيغة تفاهم مع الإدارة الأمريكية لضمان التقدم في المفاوضات، واصل بن جفير تصعيد حملته الإعلامية ضد الصفقة، إذ حاول فريقه التواصل مع مكتب سموتريتش لتنسيق تحركات سياسية مشتركة لعرقلة الاتفاق، بحسب صحيفة «معاريف». غير أن مصدرًا مقربًا من سموتريتش نفى الترتيب لأي اجتماع حتى الآن، مؤكدًا: «لم نتلق أي اتصال مباشر من بن جفير، ولم يُحدد موعد للقاء. النصر في غزة مهم، لكن لا يمكن المتاجرة بحياة الأسرى في لعبة علاقات عامة».
في غضون ذلك، عبّر عدد من الشخصيات السياسية في المعارضة عن دعمهم المطلق للاتفاق المحتمل، حيث كتب اللواء احتياط يائير جولان، رئيس الحزب الديمقراطي، منشورًا لاذعًا قال فيه: «بن جفير وسموتريتش يعارضان إنقاذ المختطفين، وهذا لا يمثل الصهيونية الحقيقية بأي شكل من الأشكال. من يُبقِهم في الحكومة لا يستحق قيادتها ولو ليوم واحد».
كما أكد زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان، على ضرورة إعطاء الأولوية للمبادئ الإنسانية في التعامل مع ملف الأسرى، داعيًا الحكومة الإسرائيلية إلى «اتخاذ قرار شجاع يعيد جميع المحتجزين إلى ديارهم دون تأخير».
وتأتي هذه التطورات بينما يترقب الوسط السياسي والإعلامي في إسرائيل الخطوات المقبلة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسط ضغوط متناقضة من شركائه اليمينيين من جهة، والمعارضة والداعمين الدوليين من جهة أخرى، في وقت تتواصل فيه المعارك على الأرض بما يزيد من صعوبة التوصل لاتفاق سريع.