تقارير وتحليلات

العرب يضعون قضايا السودان والصومال وليبيا على رأس أولوياتهم.. قراءة في القمة العربية

في أجواء إقليمية مشحونة بالتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه العرب، انعقدت أول أمس أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين في العاصمة العراقية بغداد، وسط ترقب عربي واسع لما قد تسفر عنه من مخرجات بشأن القضايا الأكثر إلحاحًا في المنطقة، وعلى رأسها أوضاع الدول العربية ذات العمق الإفريقي، مثل السودان والصومال وليبيا، التي باتت تشكل محورًا جوهريًا في اهتمامات صناع القرار العرب.

وشكلت قضايا الدول العربية الإفريقية حضورًا لافتًا على جدول أعمال القمة، نظرًا لما تمثله من أهمية استراتيجية، وارتباطها المباشر بالأمن القومي العربي، خاصة أن هذه الدول تقع على تقاطعات جغرافية وتاريخية تربط بين المشرق والمغرب العربي من جهة، والقارة الإفريقية من جهة أخرى.

العرب يضعون قضايا السودان والصومال وليبيا على رأس أولوياتهم.. قراءة في القمة العربية

السودان.. نزاع يهدد بقاء الدولة
استأثرت الأزمة السودانية بجزء كبير من نقاشات القادة العرب، وسط تحذيرات من تداعياتها الإنسانية والأمنية المتفاقمة. الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وصف النزاع الدائر في السودان منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع بأنه “تهديد وجودي للدولة السودانية”، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار.
وفي السياق نفسه، طالب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول إبراهيم جابر، خلال كلمته في القمة، برفع الحصار عن مدينة الفاشر، وانسحاب ميليشيا الدعم السريع من المناطق المدنية، مشددًا على ضرورة حماية مقدرات الشعب السوداني.

الصومال.. دعم عربي في وجه الانقسام والتطرف
كما تناولت القمة الوضع في الصومال، حيث شدد أبو الغيط على أهمية مساندة الحكومة الصومالية في معركتها ضد الجماعات المسلحة، وعلى رأسها حركة “الشباب” المرتبطة بالقاعدة.

وأشار إلى أن استقرار الصومال، الواقع على خليج عدن، يمثل ركيزة للأمن العربي الجماعي، محذرًا من خطورة الانقسام السياسي ومحاولات بعض الأطراف فرض أمر واقع في إقليم “أرض الصومال”.

وأكد البيان الختامي دعم الجامعة الكامل لوحدة الأراضي الصومالية، ورفض أي ترتيبات تكرس التقسيم، مع تعزيز الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة المركزية في مقديشو.

العرب يضعون قضايا السودان والصومال وليبيا على رأس أولوياتهم.. قراءة في القمة العربية

ليبيا.. جمود سياسي يخنق آمال الحل
أما الأزمة الليبية، فقد نالت بدورها اهتمامًا خاصًا، حيث حذر الأمين العام من استمرار الجمود في المسار السياسي الليبي، وغياب توافق حول قاعدة دستورية موحدة تفضي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

ودعا أبو الغيط إلى استئناف المسار الأممي للحوار، ودعم المبادرات الوطنية لتحقيق مصالحة شاملة، بما يكفل إنهاء حالة الانقسام بين الحكومتين المتنافستين في طرابلس وشرق البلاد.

من البيانات إلى المبادرات
وفي خطوة تعكس تحوّلًا لافتًا في توجهات القمم العربية، شهدت قمة بغداد طرح عدد من المبادرات العملية لمعالجة الأزمات الإفريقية العربية، منها الدعوة لإنشاء صندوق عربي لإعادة إعمار السودان، ودعم خطط التنمية في الصومال، وتسهيل الحوار بين الفرقاء الليبيين.

خاتمة
القمة العربية الرابعة والثلاثون في بغداد بدت أكثر وعيًا بضرورة الانتقال من الاكتفاء بإدارة الأزمات إلى تبني حلول شاملة، تعكس جدية عربية متزايدة في التعامل مع الملفات الساخنة في إفريقيا.
لكن تبقى فعالية هذه المخرجات رهينة التزام الدول العربية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ومدى قدرتها على ترجمة التضامن السياسي إلى دعم فعلي وميداني يعيد الاستقرار إلى الدول العربية الإفريقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى