فنون وثقافة

ذكرى ميلاد عفاف راضي.. عتدما اكتشف بليغ حمدي صوتا لا يُشبه أحد

في مثل هذا اليوم 12 مايو، وُلدت الفنانة المصرية عفاف راضي، أحد أنقى الأصوات التي عرفها الوطن العربي، وصاحبة المسيرة التي جمعت بين الموهبة الفطرية والدراسة الأكاديمية، لتترك بصمة خالدة في وجدان الأجيال.

عُرفت عفاف راضي بصوتها الرقيق وحضورها الهادئ، وقد وصفها المخرج الراحل السيد راضي، الذي ارتبطت به زوجًا ورفيقًا، بأنها: “شخصية هادئة جدًا، لكنها ليست منطوية.. بها صفات فتاة الريف، الطيبة التي تخجل ولا تحب إحراج الآخرين”.

بدأت رحلة عفاف الفنية مبكرًا، إذ ظهرت موهبتها الغنائية في سن العاشرة، فالتحقت بمعهد الكونسرفتوار، حيث درست الموسيقى الكلاسيكية والغناء الأوبرالي، واستمرت في تحصيلها العلمي حتى نالت درجة الدكتوراه من أكاديمية الفنون، لتجعل من الدراسة دعامة حقيقية لموهبتها.

ورغم فرصة مبكرة من الأخوين رحباني للغناء في لبنان، رفضت السفر حينها حبًا في وطنها واستكمالًا لمسيرتها الدراسية، لكنها لاحقًا وافقت على العمل معهما في مسرحية “الشخص” إلى جانب جارة القمر فيروز، بعد تردد طويل نابع من احترامها للفن والخوف من المقارنة.

كان للملحن الراحل بليغ حمدي دور محوري في انطلاقتها، إذ قدّمها في حفل عام 1970 حضره العندليب عبد الحليم حافظ، وهو اللقاء الذي فتح أمامها أبواب الشهرة والنجاح، وقد قال عنها بليغ: “منذ أن رأيتها وجدت أنها تقدم فنًا حقيقيًا”.

بداياتها لم تكن سهلة، فقد تعاقدت مع شركة “صوت الفن” بأجر ثابت 50 جنيهًا لمدة خمس سنوات دون زيادة، ورغم ذلك اعتبرت تلك المرحلة “حجر أساس لمسيرتها”، لتصعد بعدها إلى قمة النجومية تدريجيًا، حتى أصبحت من أبرز نجمات الغناء في مصر.

لم تخلُ حياة عفاف من الأحزان، فقد فقدت والديها في مراحل مختلفة، ثم رحل زوجها الدكتور كمال الدين عبد الرحيم، الذي شكل رحيله جرحًا عميقًا، لكنها ظلّت تؤمن أن “الله لا يتركها أبدًا”، وفق تعبيرها في لقاء تلفزيوني مؤثر.

تميّزت عفاف راضي في غناء الأطفال، فأغنياتها مثل “سوسة سوسة”، و”شمس الشموسة”، و”يا قطتي” لا تزال تُردّد حتى اليوم، كما أثرت المسرح الغنائي بأعمال مثل “عصفور الجنة”، و”لن تسقط القدس”، وخاضت تجارب سينمائية وتلفزيونية ناجحة، من أبرزها فيلم “مولد يا دنيا” ومسلسل “حبي أنا”.

صوتها لا يشبه أحد، وسيرتها تروي حكاية فنانة استثنائية لم تكن مجرد مطربة، بل كانت نموذجًا للثقافة، والرقي، والالتزام الفني.. عفاف راضي، صوتٌ من الزمن الجميل لا يزال حيًا في الذاكرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى