تسريبات “سيجنال” تهز البنتاجون.. وزير الدفاع يشارك معلومات سرية مع زوجته وأصدقائه

تتواصل العاصفة داخل أروقة البنتاجون بعد أن كشفت تقارير صحفية جديدة استخدام وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث تطبيق “سيجنال” لمشاركة معلومات عسكرية شديدة الحساسية في دردشات خاصة تضم زوجته وشقيقه وعددًا من أصدقائه المقربين، ما أشعل موجة من الانتقادات واتّهامات بالإهمال والتهور.
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز أن هيجسيث أنشأ بنفسه مجموعة محادثة جديدة على تطبيق “سيجنال” وضم إليها زوجته – وهي منتجة سابقة بقناة فوكس نيوز – وشقيقه ومحاميه الشخصي و11 صديقًا من المقربين، حيث تداول معهم تفاصيل عمليات عسكرية وشيكة ضد الحوثيين في اليمن، بينها جداول دقيقة لرحلات الطائرات الأمريكية التي ستنفذ الضربات.
وتأتي هذه الفضيحة بعد أسابيع فقط من كشف استخدام تطبيق “سيجنال” في محادثات سرية جمعت عددًا من كبار أعضاء إدارة الرئيس دونالد ترامب، من بينهم نائبه وقادة استخبارات ووزير الدفاع ذاته، لمناقشة خطة هجوم أمريكي على اليمن، وهي المحادثة التي أُضيف إليها صحفي بطريق الخطأ، ما فجّر أزمة داخل وزارة الدفاع الأمريكية.
إنكار رسمي ودفاع رئاسي
ومع تصاعد الغضب، سارعت إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى التخفيف من وطأة التسريبات، إذ نفى البيت الأبيض بشدة مشاركة أي معلومات سرية في تلك المحادثات، مؤكدًا على “الثقة المطلقة” التي يحظى بها هيجسيث من الرئيس، حسب ما نقلته صحيفة الجارديان البريطانية.
وقال المتحدث باسم البنتاجون، شون بارنيل، إن ما تم تداوله “مجرد قصة قديمة أعيد نشرها”، متهمًا وسائل الإعلام المناهضة لترامب بالسعي لتشويه صورة المسؤولين الداعمين لأجندة الرئيس، واصفًا إياهم بـ”الكاذبين الذين يرددون آراء الحاقدين”.
انقسامات داخلية ودراما متصاعدة
لكن على النقيض، وصف المتحدث السابق باسم البنتاجون جون أوليوت – الذي استقال الأسبوع الماضي – الوضع الحالي بـ”الانهيار الكامل”، مشيرًا إلى أن التسريبات تضاف إلى “شهر من الفوضى والتخبط الإداري”، مؤكدًا أن البيت الأبيض “يستحق قيادة عسكرية أكثر كفاءة”.
وهاجم عدد من الديمقراطيين وزير الدفاع، معتبرين أن استمرار بقائه في منصبه “يعرّض حياة الجنود الأمريكيين للخطر”، بسبب “تهوره وتجاهله البروتوكولات الأمنية”. وأشاروا إلى أن هيجسيث لم يعد يركز على المهام العسكرية بقدر ما يدير “دراما يومية” تهدد بنسف الاستقرار داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية.
ودعوا الوزير إلى الاستقالة الفورية “تجنبًا لمزيد من الإحراج والانهيار”، وسط تصاعد المطالب بمساءلته رسميًا بتهمة الإخلال بالأمن القومي من خلال إفشاء معلومات استخباراتية في محيط غير رسمي لا يخضع للرقابة الأمنية.
فوضى متواصلة في البنتاجون
تأتي هذه التطورات في ظل أزمة غير مسبوقة تضرب البنتاجون، بالتزامن مع تقارير عن عمليات فصل جماعي، وتسريبات متكررة تتعلق بخطط عملياتية دقيقة، ما يعكس حجم الاختلال الداخلي وسط دعوات متزايدة لإعادة هيكلة قيادة وزارة الدفاع الأمريكية، وتطهيرها من ما وصفه البعض بـ”العبث السياسي والأمني”.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، تبقى المؤسسة العسكرية الأمريكية أمام اختبار حقيقي يتعلق بمدى قدرتها على استعادة هيبتها وثقة الرأي العام في ظل ما وصفه مراقبون بـ”الزلزال الصامت” الذي يعصف بالبنتاجون من الداخل.