في عالم تعجّ به جوازات السفر وتختلف فيه درجات القوة والتنقل، يبقى جواز سفر “فرسان مالطا” حالة استثنائية بكل المقاييس، ليس فقط لندرته، بل أيضاً لما يحيط به من غموض وتاريخ عريق يعود إلى قرون مضت.
3 جوازات فقط… لمنظمة كاملة!
تُعرف منظمة فرسان مالطا – رسميًا باسم “التنظيم العسكري السيادي الاستشفائي للقديس يوحنا الأورشليمي في رودس ومالطا” – بامتلاكها واحدًا من أكثر جوازات السفر ندرة وغموضًا في العالم، حيث أصدرت فقط ثلاثة جوازات سفر خاصة بها، تُمنح حصريًا لأعلى ثلاثة مسؤولين فيها: السيد الأكبر، نائبه، والمستشار. أما باقي أعضاء المنظمة، فيستخدمون جوازات السفر الصادرة عن بلدانهم الأصلية، بحسب ما ورد في موقع “كيورا” الشهير للأسئلة والأجوبة.
من فرسان صليبيين إلى منظمة إنسانية
تعود جذور المنظمة إلى عام 1099، حيث نشأت باسم “مشفى الفرسان الصليبيين”، وكانت آنذاك جزءًا من الحركات العسكرية الدينية التي نشأت خلال الحروب الصليبية. وبعد فقدانهم جزيرة مالطا عام 1800، باتت ممتلكاتهم تقتصر على عقارين في روما يتمتعان بوضع قانوني خاص خارج نطاق الدولة الإيطالية، حيث تصدر المنظمة جوازاتها البريدية، وطوابعها، وحتى عملتها الخاصة.
ورغم هذا الماضي العسكري، تحولت المنظمة اليوم إلى كيان كاثوليكي إنساني يركّز على تقديم المساعدات الطبية والإنسانية حول العالم، ويضم أكثر من 13,500 فارس وسيدة وقسيس، و80,000 متطوع دائم، و25,000 موظف، بحسب تقرير لصحيفة “ذا صن” البريطانية.
علاقات دبلوماسية واسعة… لكن جوازها غير مُعترف به في بعض الدول
تحتفظ منظمة فرسان مالطا بعلاقات دبلوماسية مع 106 دول حول العالم، من بينها دول كبرى مثل إسبانيا، روسيا، والولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن بعض الدول، من بينها المملكة المتحدة والولايات المتحدة ونيوزيلندا، لا تعترف بجواز السفر الصادر عن المنظمة ولا تسمح باستخدامه لعبور حدودها.
قيادة بريطانية نادرة
يتولى الأخ السير ماثيو فستينغ حالياً منصب السيد الأكبر، وهو الرئيس الأعلى للمنظمة، ويُعد ثاني بريطاني يشغل هذا المنصب منذ عام 1259، في دلالة على التنوع الدولي في قيادات هذا التنظيم العريق.
جواز سفر فرسان مالطا يبقى تذكرة عبور لا يحملها إلا قلّة، تنتمي إلى تنظيم لا يزال حتى اليوم يجمع بين عبق التاريخ وواقع العمل الإنساني.
