تقارير وتحليلات

أمريكا تنقل صواريخ باتريوت من كوريا الجنوبية.. هل تستعد واشنطن لحرب في الشرق الأوسط

كشفت مصادر كورية جنوبية عن اتفاق تم التوصل إليه بين واشنطن وسول، يقضي بنقل بطاريات صواريخ “باتريوت PAC-3” المتطورة من الأراضي الكورية إلى منطقة الشرق الأوسط، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تمركز القوات الأمريكية في آسيا، ما أثار تساؤلات عميقة حول الأهداف الحقيقية من وراء هذا التحرك العسكري “المؤقت”.

ورغم أن الإعلان جاء في صيغة مقتضبة ومحدودة التفاصيل عبر وكالة “يونهاب” الرسمية، التي نقلت عن مسؤولين تأكيدهم أن النشر سيكون جزئياً ولمدة شهر فقط، فإن المراقبين لم يخفوا قلقهم من توقيت هذا التحرك وسياقه الإقليمي المضطرب، حيث تشهد المنطقة تصعيدًا لافتًا في المواجهة الأمريكية مع جماعة الحوثي في اليمن، وتزايد التوترات مع طهران، فضلاً عن الانتشار العسكري المتنامي في مياه الخليج.

تحرك عسكري محدود… أم نقل للثقل العسكري الأمريكي؟
التحفظ الأمريكي الواضح في الحديث عن تفاصيل العملية أثار مزيداً من الغموض. فقد اكتفت قيادة القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية بالإشارة إلى أن الخطوة تأتي ضمن خطة “تناوب مؤقت” للمعدات والأفراد، مع التأكيد في الوقت ذاته على الحفاظ على أعلى درجات الجاهزية القتالية في شبه الجزيرة الكورية. إلا أن الصياغة الغامضة والغياب المتعمد للتوضيحات، فُسّر على أنه محاولة لتمرير تحرك أكبر مما يبدو عليه في الظاهر.

وتزامنًا مع هذه الخطوة، نقلت شبكة “NBC News” أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، وافق بالفعل على نقل بطاريتين من منظومة باتريوت إلى الشرق الأوسط، في سياق ما وصفته الخطة الأمريكية لتدعيم دفاعاتها الجوية في المنطقة، بالتوازي مع تعزيز القدرات العسكرية البحرية من خلال إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” لتنضم إلى “هاري إس ترومان”، التي تنتشر منذ فترة في مياه الخليج العربي.

أمريكا تنقل صواريخ باتريوت من كوريا الجنوبية.. هل تستعد واشنطن لحرب في الشرق الأوسط
صواريخ باتريوت

لماذا الآن؟
السؤال الذي يطرحه الكثيرون: لماذا الآن؟ ولماذا من كوريا الجنوبية تحديدًا؟
هل استقرت الحسابات الأمريكية على أن شبه الجزيرة الكورية باتت أقل خطورة من الشرق الأوسط؟ أم أن هذا التحرك يحمل رسائل خفية تتجاوز الظاهر العسكري، وتدخل في إطار استعراض القوة وإعادة التموضع الاستراتيجي أمام أعين الخصوم؟

ثم، لماذا تصف وزارة الدفاع الأمريكية هذه التحركات بـ”المؤقتة” بينما تعزز في الوقت نفسه وجودها البحري والجوي، وتعيد نشر أنظمة دفاعية متطورة في مناطق ملتهبة كاليمن وسوريا والعراق؟

منظومة الباتريوت… صاروخ لا يغادر دون سبب
منظومة “باتريوت PAC-3″، التي تم تطويرها بعناية لحماية القواعد والمنشآت من الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، ليست نظامًا يتم تحريكه بسهولة أو دون حسابات دقيقة. فهي نظام دفاعي فائق التطور، قادر على تعقب 50 هدفًا في لحظة واحدة، ويعتمد على رادارات دقيقة وموجهة، تستطيع التعامل مع تهديدات على بعد 160 كيلومترا، وتستجيب خلال ثوانٍ قليلة لإطلاق مضاداته النارية.

أمريكا تنقل صواريخ باتريوت من كوريا الجنوبية.. هل تستعد واشنطن لحرب في الشرق الأوسط
صواريخ باتريوت

وإذا كانت مثل هذه المنظومة قد اختيرت بعناية لتغادر كوريا الجنوبية، حيث التوتر مع بيونغ يانغ لا يزال قائمًا، فإن ذلك يطرح تساؤلات مشروعة: هل بلغ التصعيد في الشرق الأوسط حدًا يستدعي إعادة ترتيب أولويات الدفاع الأمريكية؟ أم أن واشنطن تمهد لتحرك غير معلن في العمق الإيراني أو في نقاط تماس جديدة؟

تحرك أم اختبار؟
اللافت أن الإعلان جاء مقترنًا بتأكيدات من البنتاغون على “مواصلة تعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية حرية الملاحة”، وهي عبارات تكررت في كل مرة سبقت فيها الولايات المتحدة عمليات عسكرية مفاجئة، سواء في العراق أو سوريا أو حتى ليبيا.

فهل نحن أمام مجرد تحريك دفاعي روتيني؟ أم أن الصمت الأمريكي يخفي وراءه عاصفة قادمة؟
وهل تحمل بطاريات “باتريوت” رسائل دفاعية فقط؟ أم أن وجهتها القادمة قد تُستخدم فيها للردع والهجوم معًا؟

أسئلة كثيرة تزداد إلحاحًا في ظل التصعيد الإقليمي، ويبقى الجواب الحقيقي في تحركات الأيام المقبلة… وربما في صواريخ لم تُطلق بعد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى