أم بجمة.. كنز التعدين المفقود في قلب جنوب سيناء

في قلب مدينة أبو زنيمة بجنوب سيناء، وعلى مقربة من سرابيط الخادم، تقع منطقة أم بجمة، التي تعد واحدة من أغنى المناطق المصرية بالثروات المعدنية، حيث تحتوي على خامات المنجنيز، الكاولين، رمل الزجاج، الدولوميت، الأكاسيد، واليورانيوم.
,هذه المنطقة، التي كانت في يوم من الأيام قلب صناعة التعدين في مصر، تحمل بين تضاريسها الوعرة إرثًا صناعيًا يعود إلى بدايات القرن العشرين.
مدينة التعدين العريقة
على ارتفاع 1100 متر فوق سطح البحر، شُيدت أول مدينة صناعية متكاملة لاستخراج المنجنيز، وضمت منشآت متطورة آنذاك، مثل منازل المهندسين والعمال، مستشفى، مدرسة، مخبز، صيدلية، وحتى مسرح يُقال إنه استضاف حفلاً لكوكب الشرق أم كلثوم.
وللتغلب على صعوبة نقل الخام، تم إنشاء أول تلفريك في إفريقيا، لربط المنجم بمحطة السكة الحديد المؤدية إلى مصنع أبو زنيمة.
كما احتضنت المنطقة أول مصنع للحديد والصلب في الشرق الأوسط، ما جعلها مركزًا محوريًا للصناعة في مصر.
رحلة إلى أم بجمة.. مغامرة وسط الجبال
الوصول إلى أم بجمة اليوم يعد مغامرة فريدة من نوعها، حيث تتطلب الرحلة استخدام سيارات الدفع الرباعي لعبور المدقات الجبلية الوعرة.
ولا تزال البوابة الحديدية للموقع قائمة، حيث يحتفظ بدو سرابيط الخادم بمفتاحها، ويفتحونها أمام الأفواج السياحية وعشاق التاريخ الراغبين في استكشاف المدينة.
أم بجمة.. فرصة سياحية ضائعة
رغم هذا التاريخ العريق، إلا أن أم بجمة اليوم مدينة مهجورة لم تستغل سياحيًا بالشكل الأمثل. يمكن إعادة إحيائها كوجهة سياحية جذابة، خاصة للسياح الإنجليز، الذين تعود جذور أجدادهم إلى بناء هذه المدينة قبل 150 عامًا.
كما يمكن تنظيم رحلات علمية وجيولوجية، لتسليط الضوء على أهمية التعدين في مصر عبر العصور.
كنوز سيناء المعدنية.. إرث فرعوني متجدد
لم تكن أم بجمة وحدها محور التعدين في سيناء، فإلى جانب المنجنيز، تزخر المنطقة بالفيروز، الحجر الذي عرفه الفراعنة باسم “مفكات”، حيث أرسل ملوك مصر القديمة بعثات استكشافية لاستخراجه، ومن بينهم أمنمحات الثالث، أحمس، تحتمس الثالث، ورمسيس الثاني.
إعادة استغلال أم بجمة يمكن أن يساهم في إحياء التراث الصناعي المصري، ودعم الاقتصاد المحلي، وتحويل المنطقة إلى كنز سياحي وجيولوجي يعكس عراقة صناعة التعدين في مصر. فهل يحين الوقت لإعادة اكتشاف هذا الكنز المفقود في قلب سيناء؟