سياحة و سفر

متحف الفن الإسلامي بالقاهرة يحتفي بابن الهيثم.. رائد البصريات الذي غير وجه العلم

في قلب القاهرة النابض بالتاريخ، يحتفي متحف الفن الإسلامي بواحد من أعظم علماء الحضارة الإسلامية، الحسن ابن الهيثم، الذي وُلد في البصرة عام 965م وتُوفِّي في القاهرة عام 1039م. ابن الهيثم، الذي عُرِف في أوروبا باسم “الهازن”، لم يكن مجرد عالم، بل كان رائدًا في مجالات متعددة، وأُطلِق عليه ألقاب مثل “أمير النور”، و”أبو الفيزياء الحديثة”، و”مؤسس علم البصريات”، و”رائد المنهج العلمي التجريبي”.

ابن الهيثم: عالم موسوعي ترك بصمات في مختلف المجالات
لم يقتصر إسهام ابن الهيثم على علم البصريات، بل امتد ليشمل الهندسة، والحساب، والجبر، والطبيعة، والفلك، والطب، والفلسفة، والمنطق، وعلم النفس، والأخلاق، واللغة. كما كانت له أبحاث ودراسات حول طريقة التحكم في مياه فيضان نهر النيل، وهي الفكرة التي تحققت بعد ذلك بألف سنة عبر إنشاء السد العالي.

الحسن ابن الهيثم
الحسن ابن الهيثم

اكتشافات غيرت المفاهيم السائدة
درس ابن الهيثم أحوال القمر في جميع أطواره في السماء، واكتشف أن القمر يبدو حجمه أكبر عند الأفق، وأن هذا مجرد خداع بصري، بينما الحجم الحقيقي للقمر لا يتغير. كما أوصلته ملاحظاته إلى أن قوس قزح عبارة عن انعكاس لأشعة الشمس على رذاذ المطر، كما فسّر لون الغسق. ومن خلال أبحاثه، فسّر عدة ظواهر كان أرسطو قد عجز عن تفسيرها.

ابن الهيثم والكاميرا: قصة حبس قادت إلى اكتشاف عظيم
كانت دراسات ابن الهيثم وتجاربه أغلبها أثناء حبسه في بيته لمدة 10 سنوات في القاهرة بأمر من الحاكم بأمر الله الفاطمي. فاستغل تلك الفترة في دراسة الضوء وإجراء التجارب، حيث لاحظ أن الضوء القادم من ثقب صغير في خشب النافذة يظهر الصورة مقلوبة على الجدار المقابل في الغرفة المظلمة.

ثم اكتشف أنه كلما كان الثقب أصغر، كان الضوء أوضح، والصورة أدق.

وهكذا أقام القُمرة المظلمة، أي الحُجيرة المظلمة، ومن كلمة “القُمرة” اشتُقَّت كلمة “كاميرا”، لأن هذا كان البذرة الأولى لفكرة الكاميرا: نقل الصورة من ثقب إلى غرفة مظلمة وعكسها على سطح مناسب، أي تصويرها.

الحسن ابن الهيثم
الحسن ابن الهيثم

ابن الهيثم: رائد المنهج العلمي التجريبي
كان ابن الهيثم من أوائل من اعتمدوا التجربة والبرهان لإثبات النظريات، فقام باستكمال دراسات الكِندي قبله بمئة عام عن الإبصار وكيفيته. فتنبه إلى خطأ جالينيوس، الذي كان يظن أن الإبصار نتيجة مادة شعاعية تخرج من العين، ولكن ابن الهيثم استكمل دراسة الكِندي، وأثبت عن طريق التجربة أن الرؤية تتم عن طريق انعكاس الضوء على الشيء المرئي إلى العين. وكتابه “المناظر” عن البصريات يُعَدُّ نموذجًا رائعًا لأسلوب الكتابة العلمية.

كما كان أول من شرح تركيب العين، وأطلق أسماءً على أجزاء منها، مثل: (القرنية – الشبكية – السائل المائي – السائل الزجاجي)، وقد تُرجمت كتبه إلى اللاتينية، لينهل منها العلماء والدارسون في جميع أنحاء أوروبا.

متحف الفن الإسلامي بالقاهرة يحتفي بابن الهيثم.. رائد البصريات الذي غير وجه العلم

متحف الفن الإسلامي: شاهد على إبداع الحضارة الإسلامية
يمكنكم عند زيارة متحف الفن الإسلامي رؤية باب مدرسة تتميز زخارفه باستخدام الخداع البصري في تحوير الزخارف النباتية إلى أشكال حيوانات، يمكن رؤيتها عند الاقتراب من الباب والتركيز عليها. هذه التحفة الفنية هي شاهد على إبداع الحضارة الإسلامية في استخدام الخداع البصري في الفن والزخرفة.

دعوة لزيارة المتحف والتعرف على إرث ابن الهيثم
يدعو متحف الفن الإسلامي بالقاهرة الجمهور إلى زيارة المتحف والتعرف على إرث ابن الهيثم، هذا العالم الذي غير وجه العلم، وترك بصمات لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى