تقارير وتحليلات

3126 كيلومترًا من الفرص الاقتصادية.. خطة مصرية شاملة لتعزيز النقل عبر نهر النيل

في ظل التوجيهات الرئاسية بضرورة التطوير الشامل لكافة قطاعات النقل في مصر، تولي الدولة اهتمامًا خاصًا بقطاع النقل النهري باعتباره أحد الحلول الاستراتيجية لتخفيف الضغط على شبكة الطرق البرية وتعزيز منظومة النقل متعدد الوسائط.

وتمتلك مصر ميزة جغرافية فريدة تتمثل في نهر النيل، الذي يمتد بطول 3126 كيلومترًا داخل أراضيها، مما يجعله شريانًا حيويًا يمكن استغلاله بفاعلية في نقل البضائع والركاب، خاصة مع تزايد الحاجة إلى حلول نقل مستدامة واقتصادية.

ومن هذا المنطلق، وضعت وزارة النقل خطة شاملة تهدف إلى تطوير هذا القطاع عبر سلسلة من الإجراءات التي تضمن تعزيز كفاءته وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منه.

وفي هذا الإطار، جاء تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 167 لسنة 2022، الذي يعيد تنظيم الهيئة العامة للنقل النهري، ليمنحها الصلاحية الكاملة لإدارة وتشغيل وتنظيم الملاحة في نهر النيل، بما يسهم في تسهيل الاستثمار في هذا القطاع، ويوفر بيئة قانونية موحدة تشجع الشركات على ضخ استثماراتها في مشروعات النقل النهري.

3126 كيلومترًا من الفرص الاقتصادية.. خطة مصرية شاملة لتعزيز النقل عبر نهر النيل
النقل النهري

موانئ نهرية متطورة وأهوسة حديثة لرفع كفاءة النقل
وضمن جهود تطوير البنية التحتية للنقل النهري، تعمل وزارة النقل على إنشاء شبكة متكاملة من الموانئ النهرية في مختلف المحافظات المصرية، حيث ستخصص بعض هذه الموانئ لأنواع محددة من البضائع، فيما ستُتاح الموانئ الأخرى لاستقبال وشحن مختلف أنواع الحاويات والوحدات النهرية بالتعاون مع الهيئة العامة للنقل النهري.

ويأتي هذا التوسع في إنشاء الموانئ النهرية ليس فقط لتسهيل عمليات النقل والتجارة الداخلية، بل أيضًا ليكون بمثابة محطات لوجستية تربط النقل النهري بالنقل البري، مما يعزز منظومة النقل متعدد الوسائط ويضمن إيصال البضائع من “الباب إلى الباب” بأعلى كفاءة.

كما تولي الوزارة أهمية كبيرة لتطوير وصيانة الأهوسة، التي تلعب دورًا حيويًا في تنظيم حركة النقل عبر نهر النيل. وتمت إضافة عدة أهوسة جديدة وفق المعايير الهندسية الحديثة، ما ساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية لمنظومة النقل النهري وتقليل زمن العبور، حيث بات تشغيل الأهوسة الجديدة يمتد على مدار 24 ساعة يوميًا لضمان انسيابية الحركة ومنع التكدسات التي قد تؤثر على كفاءة النقل النهري.

الاستثمار في النقل النهري.. فرص ضخمة للقطاع الخاص
في إطار توجيهات القيادة السياسية بضرورة تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مختلف مشروعات البنية التحتية، دعت وزارة النقل الشركات المحلية والعالمية للاستثمار في قطاع النقل النهري، مستفيدة من المزايا الاقتصادية والبيئية التي يقدمها هذا القطاع.

3126 كيلومترًا من الفرص الاقتصادية.. خطة مصرية شاملة لتعزيز النقل عبر نهر النيل
النقل النهري

ووفقًا للإحصاءات، فإن الوحدة النهرية الواحدة يمكنها أن تحل محل 40 شاحنة نقل بري، ما يؤدي إلى تخفيف الضغط على شبكة الطرق، وتقليل تكاليف الصيانة، وتخفيض نسب الحوادث الناتجة عن النقل البري، فضلًا عن الحد من التلوث البيئي الناتج عن الانبعاثات الصادرة من الشاحنات والمركبات البرية.

وتشمل الفرص الاستثمارية التي تتيحها الوزارة للقطاع الخاص عدة مجالات حيوية، من بينها إنشاء وحدات نهرية جديدة ومتطورة، مثل السفن المخصصة لنقل المواد البترولية وفق أحدث المعايير البيئية والصحية، والتي يتم تطويرها بالتنسيق مع وزارة البترول لضمان أعلى درجات الأمان ومنع أي تلوث قد يؤثر على مياه نهر النيل. كما يشمل الاستثمار أيضًا بناء وحدات متطورة لنقل الحاويات والسيارات، ما يسهم في توفير حلول لوجستية أكثر كفاءة وأقل تكلفة مقارنة بوسائل النقل التقليدية.

تكنولوجيا حديثة لرفع كفاءة النقل وتأمين الملاحة النهرية
وفي إطار الجهود المبذولة لتعزيز أمان وكفاءة النقل النهري، أطلقت وزارة النقل مشروعًا مشتركًا مع إحدى الشركات النمساوية المتخصصة، لتطبيق نظام “خدمات معلومات النهر (RIS)”، الذي يعتمد على تقنيات متقدمة لمراقبة وتتبع الوحدات النهرية داخل المجرى الملاحي لنهر النيل.

ويسهم هذا النظام في توفير خرائط إلكترونية دقيقة للممرات الملاحية، مما يساعد السفن والقوارب في تحديد المسار الأكثر أمانًا، كما يتيح تبادل المعلومات بين الهيئة العامة للنقل النهري والمشغلين لمتابعة حركة الوحدات النهرية وضمان تطبيق معايير السلامة أثناء الملاحة.

ولا يقتصر الأمر على التكنولوجيا فقط، بل تشمل الخطة أيضًا أعمال تطهير وتكريك المجرى الملاحي لضمان عمق مناسب يسمح بمرور مختلف أنواع الوحدات النهرية، مع إزالة أي عوائق تعيق حركة السفن والبواخر السياحية، مما يسهم في تعزيز قطاع السياحة النيلية وجذب مزيد من الاستثمارات إلى هذا المجال.

3126 كيلومترًا من الفرص الاقتصادية.. خطة مصرية شاملة لتعزيز النقل عبر نهر النيل
النقل النهري

فوائد اقتصادية وبيئية تجعل النقل النهري خيار المستقبل
إلى جانب الدور الحيوي الذي يلعبه النقل النهري في دعم منظومة النقل، فإن له العديد من الفوائد الاقتصادية والبيئية التي تجعله من أهم البدائل الاستراتيجية لتعزيز التجارة الداخلية والخارجية. فمن الناحية الاقتصادية، يساهم النقل النهري في تخفيض نسبة ما تنفقه الدولة على صيانة الطرق البرية، حيث يقلل الاعتماد على الشاحنات الثقيلة التي تسبب تلفًا سريعًا للبنية التحتية. كما يتميز النقل النهري بكونه أقل تكلفة من النقل البري، مما يجعله خيارًا مثاليًا لنقل البضائع لمسافات طويلة.

أما من الناحية البيئية، فإن استخدام الوحدات النهرية يقلل من التلوث البصري والسمعي والهوائي الناتج عن النقل البري، كما يسهم في تقليل معدلات الحوادث التي تشكل تهديدًا مستمرًا على الطرق السريعة. ومع التكامل المستمر بين النقل النهري والبري، يتم تعزيز مفهوم النقل متعدد الوسائط، حيث يمكن نقل البضائع من وإلى الموانئ النهرية بمرونة وسرعة أكبر، مما ينعكس إيجابيًا على كفاءة سلاسل الإمداد والتوريد.

النقل النهري.. ركيزة أساسية لمستقبل لوجستي أكثر استدامة
مع هذه الخطوات الطموحة، تمضي مصر قدمًا نحو تحويل نهر النيل إلى محور رئيسي للنقل والتجارة، ما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير بدائل نقل أكثر استدامة وكفاءة. ومع الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يتيحها القطاع، إلى جانب البنية التحتية المتطورة التي يجري العمل على تنفيذها، يصبح النقل النهري عنصرًا أساسيًا في تحقيق رؤية مصر لمستقبل لوجستي متكامل، قادر على تلبية احتياجات النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى