العرب والعالم

145 % تعريفات جمركية متبادلة.. الصين ترد على ضربات ترامب الاقتصادية بـ”صندوق أدواتها”

في خضم تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تسعى بكين لتوظيف ما تسميه “صندوق أدواتها” الاقتصادي لتقليل حدة تداعيات الحرب الجمركية التي أطلق شرارتها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. حرب لم تأتِ في توقيت عادي، بل في لحظة حساسة تمر بها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

145% رسوم جمركية تدخل حيز التنفيذ
في يوم الأربعاء 9 أبريل، دخلت موجة جديدة من التعريفات الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ، وبلغت نسبتها التراكمية نحو 145%، بعدما بدأت عند 84% في أوامر ترامب الأولى، وتفاقمت بفعل الردود الصينية المضادة، ما شكل عبئًا كبيرًا على التجارة البينية بين البلدين.

145 % تعريفات جمركية متبادلة.. الصين ترد على ضربات ترامب الاقتصادية بـ"صندوق أدواتها"
ترامب

الاقتصاد الصيني يتباطأ.. والبطالة ترتفع
بحسب محللين في مركز الصين العالمي التابع للمجلس الأطلسي، فإن الاقتصاد الصيني الذي اعتاد معدلات نمو هائلة في السنوات الماضية، يعاني اليوم من تباطؤ حاد، تفاقم عقب جائحة كوفيد-19. ومن أبرز المؤشرات:
ارتفاع البطالة بين الشباب والعمالة غير الرسمية.

ضعف الطلب المحلي نتيجة تراجع الثقة الاستهلاكية.

أزمة عقارية متواصلة تهدد أحد أكبر محركات النمو في الصين.

ورغم ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تمثل 14% من إجمالي صادرات الصين في عام 2024، ما يجعل الضربات الجمركية الأمريكية مؤثرة للغاية في وقت تسعى فيه بكين لاستعادة زخم نموها.

بكين ترد… بالأدوات الاقتصادية
ورغم القلق المتصاعد، يعتقد خبراء أن لدى الصين أدوات فعالة لمجابهة الصدمات:
استقرار سوق الأسهم بدعم من شركات مملوكة للدولة.

خفض مدروس لقيمة اليوان لجعل الصادرات أكثر تنافسية.

تقييد تدفقات رأس المال الخارجة لضمان استقرار النقد الأجنبي.

كما توظف بكين الخطاب الإعلامي الرسمي والإحصاءات الاقتصادية لإظهار مرونتها، في مقدمتها نسب النمو الإجمالي التي لا تزال تُعرض بشكل دوري رغم التحديات.

145 % تعريفات جمركية متبادلة.. الصين ترد على ضربات ترامب الاقتصادية بـ"صندوق أدواتها"

زيارات دبلوماسية وتحفيز داخلي
الصين لا تكتفي بالإجراءات المحلية، بل تسعى لتوسيع أسواقها عبر تحركات دبلوماسية نشطة، إذ يخطط الرئيس الصيني لزيارة ماليزيا وفيتنام وكمبوديا، في جولة آسيوية تركز على تعزيز التجارة الثنائية وتوسيع الأسواق البديلة بعيدًا عن الولايات المتحدة.

داخليًا، تعمل الحكومة على تحفيز الاستهلاك المحلي، في محاولة لامتصاص الصدمة الخارجية من انخفاض الطلب الأمريكي.

الشركات الأمريكية تحت المجهر
تبدو استراتيجية الصين أكثر وضوحًا في استهدافها لبعض القطاعات الأمريكية الحساسة:

القطاع الزراعي الأمريكي الذي يمثل حجر الأساس في القاعدة الانتخابية لترامب.

الخدمات المالية، مثل البنوك الاستثمارية وشركات الاستشارات، التي تتعرض الآن لمراجعة وتشديد من جانب بكين.

وفي الوقت ذاته، عقدت الحكومة الصينية اجتماعات مع أكثر من 20 شركة أمريكية، من بينها “تسلا”، في محاولة لطمأنة المستثمرين الأمريكيين وإظهار الانفتاح، بهدف خلق ضغط داخلي على صناع القرار الأمريكيين.

ضرر متبادل وتحذيرات من ركود عالمي
لكن الضرر لا يقع على الصين وحدها، فهناك شركات أمريكية تعتمد على الاستيراد من الصين، وسيتأثر المستهلك الأمريكي بشكل مباشر من خلال ارتفاع أسعار مئات المنتجات ذات القيمة المضافة المنخفضة.

وفي هذا السياق، حذر خبراء الاقتصاد من مخاطر حقيقية لركود عالمي، خاصة مع استمرار التصعيد. فالحرب التجارية قد تؤدي إلى تباطؤ كبير في التجارة الدولية، وقد تفضي إلى إعادة ترتيب شامل لخريطة الاقتصاد العالمي.

ختامًا
بين التعريفات التي بلغت 145%، والتباطؤ الاقتصادي، والتكتيكات المتبادلة، يقف العالم مترقبًا مسار حرب اقتصادية بين عملاقين، قد لا يخرج أحد منهما منتصرًا دون خسائر كبيرة، في معادلة شديدة التعقيد تحمل في طياتها أزمات وفرصًا لإعادة رسم ملامح الاقتصاد العالمي لعقود قادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى