تقارير وتحليلات

هل تستعد روسيا لغزو أوروبا.. سر ارتداء بوتين للزي العسكري في مناورات “زاباد-2025”

 

أثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جدلاً واسعًا بعد ظهوره بالزي العسكري خلال مشاركته في ختام مناورات “زاباد-2025” (الغرب 2025)، التي أجرتها روسيا بالتعاون مع بيلاروسيا على مقربة من الحدود الأوروبية.

وجرى ذلك على بعد نحو 500 ميل (800 كيلومتر تقريبًا) من أقرب خط مواجهة مع أوروبا، في استعراض للقوة أمام حلف شمال الأطلسي (الناتو).

بوتين، الذي ظهر وسط القوات المشاركة في ميدان التدريب بمنطقة نيجني نوفجورود الروسية، أعلن بفخر أن “مئات الآلاف من الجنود جاهزون لمهاجمة دول الناتو”، مؤكدًا أن التدريبات شملت خططًا افتراضية لإطلاق صواريخ نووية، بمشاركة نحو 100 ألف عسكري، و10 آلاف قطعة سلاح ومعدات، وأكثر من 333 طائرة عسكرية و247 سفينة سطحية وغواصة.

كما حضر المناورات وفود من 25 دولة أجنبية، في ما عُدّ رسالة دولية متعددة الأبعاد.

اللافت أن بعض المناورات نُفذت في بيلاروسيا، على مسافة تتراوح بين 30 و50 كيلومترًا فقط من الحدود البولندية، وهو ما دفع وارسو إلى حشد نحو 40 ألف جندي على حدودها الشرقية. وقد رأت صحف بريطانية، أبرزها *ذي صن*، أن ارتداء بوتين لزِيّه العسكري في هذا التوقيت يعكس “معركة أنا” بين موسكو والغرب، واعتبرت الخطوة محاولة للتفوق الرمزي على أوروبا، ووصفت الرئيس الروسي بـ”الديكتاتور” و”الطاغية” الذي يسعى إلى استعراض القوة أمام خصومه.

وتزامن ظهور بوتين بالزي العسكري مع زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى بريطانيا، في خطوة فُسرت على أنها رسالة استباقية للغرب، حيث اختار بوتين أن يظهر بمظهر “القائد الميداني” قبل ساعات من استقبال لندن لضيفها الأميركي.

ويرى محللون سياسيون أن ارتداء بوتين للزي العسكري ليس تفصيلًا بروتوكوليًا، بل يحمل أبعادًا استراتيجية ورمزية. فمن جهة، يبعث برسالة إلى الداخل الروسي مفادها أن الرئيس ليس مجرد زعيم سياسي، بل قائد أعلى يشارك قواته عن قرب ويعزز صورته كرجل حرب قادر على إدارة المعركة.

ومن جهة أخرى، يوجه إلى الناتو والاتحاد الأوروبي رسالة ردع واضحة بأن روسيا مستعدة عسكريًا لمواجهة أي تهديدات، حتى على مقربة من الحدود الأوروبية الحساسة.

كما أن الخطوة تحمل بعدًا تاريخيًا، إذ يستحضر بوتين رمزية الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية وصورة “روسيا القوية” القادرة على الصمود أمام التهديدات الخارجية.

وفي هذا السياق، يرى خبراء أن اختيار موقع المناورات على مسافة قصيرة من أوروبا، وظهور بوتين بزيه العسكري هناك، يشكل رسالة استراتيجية مزدوجة: تعزيز الانتماء الوطني والقوة الداخلية في روسيا، وتوجيه تحذير صريح للغرب بأن موسكو مستعدة للتصعيد إن اقتضى الأمر.

وبذلك، يتضح أن ارتداء بوتين للزي العسكري في “زاباد-2025” لم يكن مجرد مشهد استعراضي، بل خطوة مدروسة لتكريس صورته كقائد حرب داخليًا، وإعادة رسم ملامح الردع الروسي خارجيًا، في لحظة يتصاعد فيها التوتر بين موسكو والغرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى