ناتو الشرق يرفع التحدي.. هل تنجح قمة شنغهاي في إعادة رسم خريطة العالم؟

في لحظة تاريخية فارقة، اجتمع قادة منظمة شنغهاي للتعاون في دورتها الخامسة والعشرين بمدينة تيانجين الصينية، في قمة وصفت بقمة “تحدي الأقطاب”.
القمة جاءت في ظل أجواء عالمية متوترة، حيث تتعمق الأزمات الاقتصادية وتتصاعد حدة الحروب التجارية التي أشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مع تزايد الدعوات لإنهاء هيمنة القطب الواحد، تسعى قوى كبرى مثل الصين وروسيا والهند إلى ترسيخ نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وتوازنًا.
فهل تمتلك منظمة شنغهاي، التي تضم ما يقارب نصف سكان العالم وتُسهم بنحو 23.5% من الناتج الإجمالي العالمي، الأدوات اللازمة لتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، أم أن التحديات الداخلية والخارجية ستقف حائلاً أمام طموحاتها؟
سياق دولي مضطرب
تعقد قمة شنغهاي في ظل تحديات دولية معقدة أبرزها:
الأزمات الاقتصادية والتنموية: تشكل السياسات الحمائية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية تهديدًا مباشرًا للاقتصاد العالمي، وتفرض ضغوطًا كبيرة على اقتصادات أعضاء المنظمة، خاصة الصين والهند.
وفي محاولة لتعزيز التنمية المستدامة، أعلنت المنظمة عام 2025 عامًا للتنمية المستدامة، مع التركيز على التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتمويل، بهدف بناء منظومة طاقة إقليمية متكاملة.
فشل تسوية الصراعات: يعاني النظام الدولي من عجز واضح في حل الصراعات المتفجرة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية. هذا الفشل يدفع أعضاء منظمة شنغهاي إلى تعزيز دورهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال القمة أن المنظمة تضطلع بمسؤولية بناء التوافق بين الأطراف لضمان السلام والازدهار.
أهداف متعددة.. من العدالة إلى التوسع
تتعدد الأهداف التي تسعى منظمة شنغهاي لتحقيقها، أبرزها:
إرساء نظام عالمي جديد: يرى القادة الصيني والروسي أن منظمة شنغهاي هي المنصة المثالية لإعادة إحياء فكرة النظام العالمي متعدد الأقطاب. وأكد الرئيس شي على أهمية توحيد “دول الجنوب العالمي” للالتزام بالتعددية الحقيقية، بينما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن قمة شنغهاي ستعطي “زخمًا قويًا إضافيًا” لتشكيل هذا النظام الجديد.
توسيع العضوية والنفوذ: تجاوزت المنظمة قارة آسيا لتصل إلى أوروبا والشرق الأوسط، حيث انضمت إيران وبيلاروسيا كعضوين كاملين في عامي 2023 و2024. هذا التوسع يعزز مكانة المنظمة كقوة دولية موازية للمنظمات الغربية، مع التركيز على التعاون في مجالات السياسة والأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب الروابط التجارية والاقتصادية.
هل يغير “تنين وفيل” موازين القوى؟
شكلت مشاركة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في القمة منعطفًا مهمًا، حيث التقى بالرئيس الصيني في أول زيارة له منذ سبع سنوات. في لقاء وصفه الرئيس شي بـ”رقصة التنين والفيل”، اتفق القائدان على تعزيز التعاون المشترك بين بلديهما اللذين يضمان معًا 2.8 مليار نسمة.
ومع سعي الصين إلى ترسيخ نظام عالمي بديل، تعتمد بشكل كبير على شراكتها الاستراتيجية مع روسيا. هذه الشراكة، التي انطلقت رسميًا في فبراير 2022، تهدف إلى العمل المشترك ضد الهيمنة الأمريكية، والسعي لبناء نظام دولي جديد بقيمه ومبادئه الخاصة.
ومع ذلك، لن يكون هذا التحول سهلاً. فإدراك القطب المهيمن لتداعيات هذا التغيير قد يؤدي إلى مواجهة، تكون لها تكلفتها على الاستقرار العالمي، حتى يتمكن النظام الدولي الجديد من فرض قواعده وإعادة دورة الاستقرار من جديد.