تقارير وتحليلات

ميليشيات ما بعد الحرب.. “عملاء رفح” يشعلون الصراع الداخلي في غزة

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، لا تقتصر تداعيات الحرب المستمرة على حجم الدمار الهائل، بل تمتد لتشمل توازناً أمنياً داخلياً في قطاع غزة بات على شفا الانهيار.

وفي خضم البحث عن معالم الترتيبات الميدانية الجديدة، تتصاعد التساؤلات حول مصير الميليشيات المحلية التي قاتلت إلى جانب القوات الإسرائيلية، وفي مقدمتها ميليشيا “ياسر أبو شباب” في رفح.

وفيما تدفع إسرائيل باتجاه دمج هذه الجماعات المسلحة في المعادلة الأمنية الجديدة، تؤكد حركة حماس عزمها على فرض السيطرة الأمنية المطلقة، مُنذرةً بمرحلة جديدة من التوتر الداخلي قد تتحول إلى اشتباكات دموية.

إسرائيل تتخلى أم تتبنى.. مصير “أبو شباب” يثير الجدل

أثارت التكهنات حول مصير ميليشيا “ياسر أبو شباب” جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي. فقد نقل مغردون عن صحيفة “إسرائيل هيوم” تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي رفض مقترحاً من جهاز الأمن الداخلي يقضي بإجلاء عناصر الميليشيا إلى داخل إسرائيل لحمايتهم من الانتقام بعد انتهاء الحرب.

وعلّق أحد المغردين بالقول: “هذا أبلغ درس، الاحتلال يتخلى عن عملائه بعد انتهاء دورهم… يا ليت كل العملاء في الدول العربية يتعلمون من ذلك”.

في المقابل، تدعو أصوات أمنية إسرائيلية رفيعة إلى تبنّي هذه الجماعات بدلاً من التخلي عنها. فقد نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول أمني رفيع تأكيده على ضرورة التعامل مع هذه الجماعات “منذ الآن”، مشدداً على أنه “لا يجوز تركهم لمصيرهم بعد أن قاتلوا إلى جانبنا”.

وطالب المسؤول بضرورة أن تكون الميليشيات المسلّحة إسرائيلياً “جزءاً من الترتيبات المقبلة”، مقترحاً نقلهم إلى مناطق قريبة من الحدود وتكليفهم بـأدوار لوجستية في توزيع المساعدات الإنسانية، قائلاً: “كما حَمينا الدروز في الجولان، علينا أن نُظهر الآن أننا لا نتخلى عن من وقف معنا في غزة”.

رؤية إسرائيلية

يرى المسؤول الأمني الإسرائيلي أن إنهاء الحرب بهذا الشكل يمثل “إنجازاً استثنائياً”، خاصة مع استعادة جميع الرهائن الأحياء وبقاء الجيش داخل “الخط الأصفر” (وهو مكسب استراتيجي).

كما أشار إلى أن المرحلة المقبلة في غزة تُمثل بداية لترسيخ توازن إقليمي جديد في المنطقة، بعد ما وصفه بـ”تفكيك المحور الشيعي والانفصال عن التهديد الإيراني والهجوم على حزب الله ونظام الأسد”.

حماس تستعد لمواجهة داخلية.. والميليشيا ترفض المغادرة

في خطوة تؤكد التوجه نحو المواجهة، ذكر موقع “ميدان السبت” العبري أن حركة حماس كثّفت تحركاتها الميدانية لتحديد مواقع عناصر ميليشيا “أبو شباب” في رفح وخان يونس وشمال القطاع، معتبرة إياهم “تهديداً أمنياً محتملاً”.

ويأتي هذا في ظل تقارير محلية أفادت بوقوع اشتباكات محدودة بين عناصر من حماس وعائلات متعاونة في مناطق مختلفة، أسفرت إحداها عن مقتل خمسة أشخاص في منطقة ميناء غزة. كما سبقتها مواجهات في خان يونس مع عائلة المجايدة راح ضحيتها أكثر من 22 عنصراً من الحركة.

من جانبها، أعلنت ميليشيا “ياسر أبو شباب” ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار، وأكدت في بيان، نقله موقع Ynet الإسرائيلي، أنها ستواصل تمركزها ولن تغادر القطاع. وأضافت الجماعة، التي ترى نفسها جزءاً من المرحلة الانتقالية، أنها “ستواصل الدفاع عن أراضيها، ونتطلع إلى مستقبل مختلف لغزة خالية من التنظيمات الإرهابية والحروب العبثية”.

مع تثبيت وقف إطلاق النار، يظل المشهد الأمني في غزة ضبابياً، حيث تتجه الأنظار نحو الصراع المرتقب بين سلطة حماس والميليشيات المحلية المدعومة إسرائيلياً. وبينما تسعى تل أبيب لاستخدام هذه الجماعات كورقة نفوذ ميدانية، تصر حماس على إحكام قبضتها الأمنية، ما يُنذر بتحوّل مرحلة “ما بعد الحرب” إلى فصل جديد من الصراع الداخلي في القطاع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى