تقارير وتحليلات

من أجل رغيف العيش.. تخفيض سعر توريد محصول البنجر يثير الجدل حول مستقبل السكر

 

شهدت أسواق السلع الأساسية في مصر، تحديداً قطاع السكر، حالة من الجدل بعد قرار رئاسة مجلس الوزراء بخفض سعر توريد بنجر السكر للموسم القادم من 2400 جنيه إلى 2000 جنيه للطن. قرارٌ واحد أطلق معه نقاشاً حاداً بين مؤيد يرى فيه خطوة حكيمة لضبط الموارد، ومعارض يخشى أن يكون بداية لأزمة جديدة.

الحكومة تبرر: توفير القمح في أراضي الدلتا
من جانبها، أوضحت الحكومة لسان حالها ممثلة في الدكتور مصطفى عبد الجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية، أن القرار ليس عشوائياً بل هو جزء من استراتيجية أوسع.

يؤكد عبد الجواد أن التخفيض يهدف إلى تقليص المساحات المزروعة بالبنجر في الأراضي القديمة بالدلتا، لإفساح المجال أمام زراعة محصول القمح، وهو محصول استراتيجي آخر تسعى الدولة لزيادة إنتاجه.

ويشير عبد الجواد إلى أن الموسم الماضي شهد إقبالاً كبيراً من المزارعين على زراعة البنجر، مما أدى إلى زراعة 750 ألف فدان بدلاً من 600 ألف العام الماضي. ويضيف أن استمرار سعر التوريد المرتفع كان قد يدفع المساحات إلى 900 ألف فدان، وهو ما يفوق القدرة الاستيعابية للمصانع، ويعرض المحصول للتلف والتعفن.

ويكشف عبد الجواد أرقام الإنتاج هذا العام، التي بلغت 2.3 مليون طن من بنجر السكر و600 ألف طن من قصب السكر، ليصبح الإجمالي نحو 2.95 مليون طن. ومع إضافة 250 ألف طن من المحليات، يصل إجمالي الإنتاج إلى 3.2 مليون طن، وهو ما يغطي أكثر من 95% من الاستهلاك المحلي البالغ 3.4 مليون طن.

تحذيرات من تراجع الاكتفاء الذاتي
في المقابل، يرى حسن الفندي، رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية، أن القرار غير واضح وقد يأتي بنتائج عكسية. يتساءل الفندي عن سبب خفض سعر التوريد في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل، وهو ما كان يتحقق بفضل الأسعار المرتفعة التي حفزت المزارعين.

يحذر الفندي من أن خفض السعر سيدفع المزارعين للعزوف عن زراعة البنجر والتوجه نحو محاصيل أخرى، مما سيؤدي إلى تراجع الإنتاج واضطرار مصر لاستيراد كميات أكبر لتغطية احتياجاتها.

ويضيف أن إنتاج مصر من السكر حاليًا يبلغ 2.8 مليون طن، مع استيراد 400 ألف طن، وهو ما يغطي الاستهلاك المحلي. ويرى أن هذا القرار يهدد حالة الاستقرار التي شهدها السوق مؤخراً، حيث كانت الأسعار مستقرة.

نقيب الفلاحين يؤيد: ضرورة لضبط السوق
وعلى الجانب الآخر، يؤيد حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، قرار الحكومة، مؤكداً أنه جاء في توقيت مناسب. يوضح أبو صدام أن سعر التوريد السابق كان مرتفعًا بشكل مبالغ فيه، مما شجع المزارعين على زراعة مساحات تفوق المتعاقد عليها، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة، أبرزها تأخر حصولهم على مستحقاتهم المالية من المصانع.

ويرى أبو صدام أن التحكم في المساحات المزروعة بالبنجر أمر ضروري، نظراً لأن طاقة مصانع السكر محدودة، وفائض الإنتاج لا يمكن تصريفه في السوق المحلي أو التصدير، مما يؤدي إلى خسائر للمزارعين.

ويضيف أن الفدان الواحد يمكن أن ينتج ما بين 20 إلى 50 طنًا من البنجر، وأن كل 7 أطنان من البنجر تنتج طنًا واحدًا من السكر، وهو ما يؤكد أهمية ضبط الإنتاج بما يتناسب مع القدرة التصنيعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى