مصر تعزز أوراقها الاستراتيجية في مواجهة مناورة إسرائيل بصفقة الغاز الـ35 مليار دولار

تحولت صفقة الغاز التي وُصفت بأنها الأضخم في تاريخ التعاون بين مصر وإسرائيل، والبالغة قيمتها 35 مليار دولار، إلى محور جدل سياسي بعد تسريبات صحفية إسرائيلية أشارت إلى اشتراط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو موافقته الشخصية لاستكمال تنفيذ الاتفاق.
الاتفاق المبرم بين شركة “نيوميد إنرجي” الإسرائيلية ومصر، يقضي بتوريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز حتى عام 2040، مع رفع الكميات المصدَّرة من 4.5 مليارات متر مكعب إلى 12 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما اعتُبر ركيزة أساسية لتطوير حقل “ليفياثان” العملاق. في المقابل، يمثل الاتفاق منفذًا لمصر لتعزيز أمنها الطاقي وتنويع مصادرها.
وتزامنت هذه التسريبات مع مواقف مصرية واضحة برفض أي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، الأمر الذي ربطه مراقبون بمحاولة إسرائيل استخدام ملف الطاقة كورقة ضغط سياسي.
من جانبها، تواصل القاهرة تعزيز بدائلها الاستراتيجية. فقد عقد وزيرا الخارجية والبترول مباحثات موسعة في نيقوسيا مع الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس، ركزت على الإسراع في ربط حقول الغاز القبرصية بالبنية التحتية المصرية، تمهيدًا لبدء استقبال الغاز وإعادة تصديره للأسواق الأوروبية بحلول عام 2027.
وأكد المهندس كريم بدوي وزير البترول أن هذا المشروع يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي محوري لتجارة وتداول الطاقة، ويوفر بدائل حقيقية في مواجهة أي ضغوط سياسية.
ويرى خبراء أن القاهرة تمتلك أوراق قوة واضحة، من بينها 5 وحدات لإعادة تغويز الغاز بطاقة تتجاوز 3 مليارات قدم مكعب يوميًا، إلى جانب إنتاج محلي يتخطى 4 مليارات قدم مكعب. كما تعمل الدولة على تنويع مصادر الطاقة بالاعتماد على مشروعات الغاز القبرصي والطاقة المتجددة والنووية، بما يقلل اعتمادها على الغاز الإسرائيلي.
وبذلك، تبدو الصفقة في معادلة دقيقة بين مصالح اقتصادية كبرى وضغوط سياسية معلنة، فيما تؤكد مصر أنها قادرة على حماية مصالحها الوطنية الاستراتيجية، ومواصلة دورها كمركز إقليمي محوري للطاقة في شرق المتوسط.