فنون وثقافة

محمد عبد العزيز: نعاني من تجاهل الكوميديا واعتزلت بإرادتي

نعاني من نظرة دونية للأفلام الضاحكة.. وتصنيفها كـ«خفيفة» خطأ نقدي فادح

 

– اعتزلت الإخراج برضا كامل.. وأجد سعادتي الآن في تعليم الأجيال الجديدة

 

– قدمت مع عادل إمام 18 فيلما صنعت نجوميته ونجوميتي

 

 

رغم تكريمه في الدورة الـ46 من مهرجان “القاهرة السينمائي”، عبر المخرج الكبير محمد عبد العزيز عن دهشته مما وصفه بـ”المفارقة الغريبة” في تعامل المهرجانات السينمائية مع الأعمال الكوميدية، موضحًا أن تلك الفعاليات الفنية الهامة كثيرًا ما تحتفي بصناع هذا اللون من الفن وتمنحهم الجوائز والتكريمات، كما حدث في مهرجان القاهرة السينمائي نفسه حين احتفى بإحدى دوراته بصناع الكوميديا، لكن في الوقت نفسه تتعالى هذه المهرجانات على أفلامهم وكأنها لا تليق بالمنافسة أو بالجوائز الكبرى.

 

وقال محمد عبد العزيز، الذي يعد أحد أبرز صناع البهجة في تاريخ السينما المصرية، في تصريحات لـ”الشروق”: “المهرجانات تنظر إلى هذا النوع من الأفلام بنظرة دونية، وتتعامل معه باعتباره مجرد أعمال خفيفة أو ترفيهية، وهذا خطأ نقدي كبير. فالفن الذي يضحك الناس يمكن أن يكون عميقًا ومؤثرًا، ويحمل رسائل إنسانية وفكرية لا تقل قيمة عن أي عمل فني جاد، بل يتميز بأنه يجمع بين الفكر والمتعة معًا”.

 

وأوضح المخرج القدير، أن تقديم عمل يرسم البسمة على وجوه الناس ليس أمرًا سهلاً كما يظن البعض، قائلاً: “الفن الذي يدخل القلب بابتسامة يحتاج إلى ذكاء ومجهود مضاعف. وهذا ما واجهته في مشواري، فلم تكن الأفلام بالنسبة لي وسيلة للإضحاك فقط، بل مساحة للتأمل والتفكير”.

 

وتابع: “كنت دائمًا حريصًا على أن تحمل أفلامي مضمونًا إنسانيًا وفكريًا هامًا، كما في أفلامي: انتبهوا أيها السادة، خلي بالك من عقلك، والمحفظة معايا وغيرها من الأفلام. فرغم أنها مصنفة كوميدية، إلا أن الضحك كان آخر ما يشغلني، فقد كنت أسعى دائمًا إلى مخاطبة عقل المتفرج قبل أن أبهج قلبه، وأن أقدّم له رسالة هامة من خلال ضحكة بسيطة، وكثيرًا ما ناقشت موضوعات اجتماعية في أفلامي وحققت ردود أفعال واسعة. وهي مهمة ليست سهلة على الإطلاق وتمثل تحديًا كبيرًا لأي مخرج. فالبعض يتعامل مع أفلام الكوميديا على أنها ‘فن الضحك للضحك’، ولكنها بالنسبة لي لم تكن كذلك أبدًا”.

 

وبسؤاله عما إذا كان أجبر على الاعتزال، تحدث محمد عبد العزيز، بصراحة عن هذا القرار، وقال: “اخترت الاعتزال بإرادتي الكاملة، وبنفس راضية تمامًا، بعدما تغيرت كثير من المعادلات في الساحة الفنية. فالمتلقي لم يعد كما كان، والضحك فقد بريقه القديم، والمخرج أصبح الطرف الأضعف في معادلة الإنتاج مقابل سطوة غريبة للفنان. ولم تعد الساحة مناسبة لمن هم من أبناء جيلي، فاتخذت قرار الاعتزال، وأنا راضٍ تمامًا، لأنني أملك رصيدًا فنيًا كبيرًا وتجارب ناجحة أستند عليها، ولم أندم على أي فيلم قدمته طوال مشواري الممتد لأكثر من 40 عامًا. بل عندما أقارن أضعف أفلامي بما يُعرض اليوم، أشعر بالرضا الكامل”.

 

وأوضح أنه رغم توقفه عن الإخراج، فإنه لم يبتعد عن الفن تمامًا، حيث وجد متعته وسعادته في تدريس السينما للأجيال الجديدة بمعهد السينما، قائلاً: “أحب أن أنقل خبرتي لطلابي، وأن أزرع فيهم عشق الفن الحقيقي. فالجيل الجديد يحتاج إلى الشغف وروح الإخلاص، وهناك قلة فقط تعمل بصدق وتتحدى الظروف لتقديم أفلام جيدة، تضع أسماءهم في مكانة متميزة في ذاكرة السينما المصرية، مثل محمد ياسين ومروان حامد”.

 

وعن إذا كان الطريق ممهّدًا أمامه ليصنع اسمه بين كبار المخرجين المصريين، قال المخرج محمد عبد العزيز، الذي اعتبره البعض امتدادًا للمخرج فطين عبد الوهاب: “لم يكن الطريق مفروشًا بالورود أبدًا كما يظن البعض. فحين تخرجت من معهد السينما في الستينات، كانت النظرة وقتها سلبية تجاه خريجي المعهد، وكان ينظر إلينا كأكاديميين بعيدين عن الإنتاج. لكننا أصررنا على إثبات أنفسنا، واستطعنا أن نحمل الراية من الجيل السابق ونواصل مسيرة السينما المصرية باجتهاد وإخلاص، وحملناها على أكتافنا لسنوات طويلة”.

 

واختتم حديثه متذكرًا بداياته مع الزعيم عادل إمام، قائلا: “عرفت عادل قبل أن يقف أمام الكاميرا لأول مرة، وبدأنا معًا رحلة طويلة قدمنا خلالها 18 فيلمًا، منها: البعض لا يذهب للمأذون مرتين، قاتل ما قتلش حد، خلي بالك من جيرانك، رجل فقد عقله، وحنفي الأبهة، والتي مثلت رحلة صعود كبيرة لي وله، ومشوارًا من البهجة لا يُنسى”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى