مجلس النواب يقر قانون تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض نهائيًا

شهدت قاعة مجلس النواب، صباح اليوم الثلاثاء الموافق 25 مارس 2025، جلسة برلمانية موسعة برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، وذلك لمواصلة مناقشة وإقرار عدد من القوانين والتشريعات المهمة، وعلى رأسها مشروع قانون تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض، الذي تقدمت به الحكومة.

وجاءت جلسة اليوم بحضور بارز للأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، والمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إلى جانب الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، حيث شاركوا في النقاشات الجارية بشأن هذا القانون الذي يعد خطوة تشريعية جوهرية في تطوير المنظومة الصحية في مصر.
مناقشات مستفيضة وتعديلات جوهرية على مواد القانون
واستكمل مجلس النواب خلال الجلسة مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الصحية، ومكاتب لجان الشؤون الدستورية والتشريعية، والشؤون الاقتصادية، وحقوق الإنسان، حول مشروع قانون تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض، حيث تركزت المناقشات على المواد الخاصة بالعقوبات، بدءًا من المادة (25) وحتى المادة (30).
وخلال المناقشات، قدم عدد من النواب اقتراحات بإضافة مواد مستحدثة لضمان تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء والمنشآت الصحية من الدعاوى الكيدية. وبعد مداولات مستفيضة، وافق المجلس على جميع المواد كما وردت من اللجنة المشتركة، باستثناء المادة (27)، التي تم تعديلها لضمان ملاءمتها للواقع الطبي والقانوني.
كما وافق مجلس النواب على استحداث مادة جديدة بمشروع القانون، نصت على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة لا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أبلغ أو تقدم بشكوى كذبًا مع سوء القصد ضد مقدم الخدمة أو المنشأة، ولو لم يترتب على ذلك إقامة الدعوى الجنائية بشأن الفعل محل البلاغ أو الشكوى”.
ويأتي إدراج هذه المادة استجابة لمطالب الأطباء ومقدمي الخدمات الصحية، الذين طالبوا بآلية قانونية تحميهم من الشكاوى الكيدية التي قد تؤثر على سمعتهم ومسيرتهم المهنية، فيما أكد نواب البرلمان أن الهدف من المادة ليس تقويض حق المواطنين في تقديم الشكاوى، وإنما ضمان عدم إساءة استخدام هذا الحق بطريقة تضر بالمؤسسات الطبية دون وجه حق.
تصريحات وزير الصحة: قانون يعكس التوازن العادل بين حقوق المرضى والأطباء
وعقب إقرار القانون نهائيًا، أعرب الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، عن تقديره العميق لمجلس النواب على الجهود الكبيرة التي بُذلت في مناقشة وصياغة هذا التشريع المهم.
وأكد عبد الغفار أن هذا القانون يمثل نقلة نوعية في تطوير المنظومة الصحية، حيث يضمن تحقيق التوازن العادل بين حقوق المرضى في تلقي خدمة طبية آمنة، وبين حماية الأطباء والمؤسسات الصحية من التعرض لملاحقات قانونية غير مبررة.
وقال الوزير: “اليوم نشهد ممارسة ديمقراطية رفيعة المستوى داخل البرلمان، حيث تمت مناقشة مشروع القانون بكل شفافية وكفاءة، للخروج بتشريع يعزز الثقة بين جميع أطراف المنظومة الصحية. إن هذا القانون لم يكن ليرى النور لولا الدعم الكبير من قبل معالي المستشار رئيس المجلس، والتعاون المثمر بين كافة اللجان البرلمانية والجهات المعنية”.
كما وجه عبد الغفار شكره إلى نقابة الأطباء وكافة العاملين في المجال الطبي، مؤكدًا أن القانون الجديد يضمن عدم مساءلة الأطباء الملتزمين بالقواعد العلمية، ويحميهم من تحمل المسؤولية عن المضاعفات المحتملة للعلاج، إلا في حال وجود إهمال جسيم أو مخالفة واضحة لأصول المهنة.
وزير الشؤون النيابية: الدولة ملتزمة بحماية الثقة بين المرضى والأطباء
من جانبه، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن إصدار هذا القانون جاء بعد سنوات طويلة من الانتظار، وهو ما يعكس التزام الدولة بتطوير المنظومة الصحية وفق أسس قانونية عادلة ومتوازنة.
وأشار الوزير إلى أن الطبيب المصري هو رمز للجودة والكفاءة، وأن الحكومة تعمل على دعم الممارسات الطبية وتطوير بيئة العمل للأطباء، مع التأكيد على ضرورة حماية حقوق المرضى في الوقت ذاته.
وأضاف فوزي: “عندما يذهب المريض إلى الطبيب، فإنه يأتمنه على أغلى ما يملك، وهي صحته، ولذلك فإن الدولة ملزمة بحماية هذه الثقة، وهذا القانون يحقق المعادلة الصعبة بين توفير الحماية القانونية للأطباء، وضمان حصول المرضى على الرعاية الطبية بأعلى معايير الجودة”.
كما شدد الوزير على أن القانون الجديد لا يستهدف سوى حالات الإهمال الجسيم أو الأخطاء المتعمدة، أما الأطباء الذين يلتزمون بالقواعد العلمية فإنهم غير مسؤولين قانونيًا عن أي مضاعفات محتملة.
مناقشة عدد من الاتفاقيات الدولية الهامة
إلى جانب إقرار قانون المسؤولية الطبية، ناقش مجلس النواب عددًا من الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، حيث وافق المجلس على عدة قرارات رئاسية، من بينها:
اتفاق منحة تنفيذ برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع اليابان
وافق مجلس النواب على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية ومكاتب لجان الشؤون الاقتصادية، والخطة والموازنة، والعلاقات الخارجية، بشأن قرار رئيس الجمهورية رقم 32 لسنة 2025، المتعلق بالموافقة على الخطابات المتبادلة الخاصة بمنحة بقيمة 500 مليون ين ياباني لتنفيذ برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بين حكومتي مصر واليابان.
منحة مشروع تحسين المعدات بدار الأوبرا المصرية
وافق المجلس على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإعلام والثقافة والآثار ومكاتب لجان الشؤون الاقتصادية، والخطة والموازنة، والعلاقات الخارجية، حول قرار رئيس الجمهورية رقم 33 لسنة 2025، بشأن الموافقة على الخطابات المتبادلة الخاصة بمنحة 180 مليون ين ياباني لتمويل مشروع تحسين المعدات للمركز الثقافي القومي (دار الأوبرا المصرية).
منحة مشروع خلق فرص عمل للشباب
كما أقر المجلس تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة ومكتبي لجنتي الشؤون الاقتصادية، والعلاقات الخارجية، بشأن قرار رئيس الجمهورية رقم 7 لسنة 2025، المتعلق بالموافقة على الخطابات المتبادلة الخاصة بمنحة مقدمة من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، لتمويل مشروع خلق فرص عمل للشباب من أجل التوظيف وإنشاء الشركات.
اتفاق إنشاء خط سكة حديد الروبيكي – العاشر من رمضان – بلبيس
وافق مجلس النواب على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة النقل والمواصلات ومكتب لجنة الشؤون الاقتصادية، حول قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 2025، بشأن الموافقة على اتفاق إنشاء خط السكك الحديدية (الروبيكي- العاشر من رمضان- بلبيس)، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
ختام الجلسة والتأكيد على مواصلة الجهود التشريعية
وفي ختام الجلسة، أكد رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، أن المجلس مستمر في أداء دوره التشريعي والرقابي، بما يحقق مصالح المواطنين ويعزز مسيرة التنمية في مصر، مشيدًا بروح التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في إقرار القوانين والاتفاقيات الدولية التي تدعم التنمية المستدامة في البلاد.