مجازر مروعة في غزة وسط انشغال العالم بـ “الحرب الإسرائيلية الإيرانية”.. استشهاد مئات الفلسطينيين وسط صمت إعلامي

بينما انشغل العالم بمتابعة الحرب “الإسرائيلية-الإيرانية” التي استمرت 12 يومًا منذ 13 يونيو الماضي، كشفت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية عن مجازر يومية مروعة شهدها قطاع غزة، راح ضحيتها المئات من المدنيين الفلسطينيين في صمت إعلامي شبه تام.
ووفقًا للصحيفة، سقط أكثر من 550 شهيدًا فلسطينيًا خلال شهر واحد فقط، معظمهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية في ظل حصار خانق.
حصار ممنهج وتجويع كسلاح حرب
أشارت “ذا جارديان” إلى انهيار الهدنة الهشة في مارس الماضي، وقيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بفرض حصار شامل على جميع المساعدات الإنسانية استمر 11 أسبوعًا.
ورغم السماح بدخول بعض المساعدات منذ أواخر مايو، إلا أن الصحيفة أكدت أن العمليات العسكرية تصاعدت بشكل متزامن، في استراتيجية ممنهجة لـ”استخدام الجوع كسلاح حرب”.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، استهدفت قوات الاحتلال المدنيين العزل أثناء بحثهم عن الطعام من قوافل المساعدات المنهوبة أو من مراكز التوزيع التي تديرها “مؤسسة غزة الإنسانية”، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة كبديل للنظام الأممي الشامل.
كما أدت أوامر الإخلاء الإسرائيلية المتتالية إلى نزوح آلاف الفلسطينيين بشكل مستمر، حيث غطت أكثر من 80% من أراضي القطاع بحلول 23 يونيو.
“مذابح مراكز التوزيع” و”فيلم رعب” في خان يونس
وثقت مصادر صحية محلية سلسلة من المجازر المروعة بدأت في 14 يونيو، حيث استشهد 31 فلسطينيًا برصاص جيش الاحتلال، منهم 20 في غارات جوية و11 آخرين قرب نقاط توزيع الطعام.
وبحسب شهود عيان نقلت عنهم “ذا جارديان”، أطلقت القوات الإسرائيلية النار مباشرة على الحشود.
وفي 16 يونيو، نفذ جيش الاحتلال مجزرة أخرى قبيل الفجر، حيث فتح النار على حشود الجائعين المتجهين لمركزين تديرهما “مؤسسة غزة الإنسانية” قرب رفح ووسط القطاع، مما أسفر عن استشهاد 37 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 300 جريح نُقلوا إلى مستشفى ناصر، بينما استقبل مستشفى الصليب الأحمر الميداني أكثر من 200 مُصاب، في أعلى عدد ضحايا بحادث واحد منذ بداية الحرب.
وصفت شهادات شهود عيان مجزرة 17 يونيو في خان يونس بـ”فيلم رعب”، عندما أطلق جيش الاحتلال النار على حشد ينتظر شاحنات الأمم المتحدة المحملة بالدقيق، مما أدى إلى سقوط 59 شهيدًا وإصابة المئات، وفقًا للتقارير الطبية المحلية.
وأظهرت لقطات مصورة مدنيين يحملون أكياس الدقيق قبل أن تبدأ عملية إطلاق النار، ما أدى إلى تعليق مؤقت لقوافل المساعدات وفاقم أزمة الجوع في القطاع المحاصر.
استهداف مستمر وإفلات من العقاب
واصل جيش الاحتلال استهداف المدنيين يوميًا. ففي 18 يونيو، استشهد 35 فلسطينيًا، منهم 11 أثناء محاولة “التوزيع الذاتي” للدقيق، و24 آخرين في غارات جوية. وفي 19 يونيو، سقط 75 شهيدًا، بينهم 15 أثناء انتظار المساعدات.
وكشفت “ذا جارديان” أن متوسط 23 شاحنة أممية فقط كانت تدخل غزة يوميًا عبر معبر كرم شالوم، وهو جزء ضئيل جدًا من الحاجة الفعلية المقدرة بـ500 شاحنة يوميًا. واعترف مسؤولو المساعدات بأن معظم المساعدات “توزع ذاتيًا” من قبل الفلسطينيين الجائعين أو تنهبها عصابات منظمة.
وفي 20 يونيو، أصدر جيش الاحتلال أوامر نزوح جديدة أجبرت الآلاف على الفرار من شرق غزة، بينما استشهد 24 فلسطينيًا آخرين برصاص الاحتلال أثناء انتظار المساعدات. ووصف الدكتور مروان أبو ناصر، مدير مستشفى العودة في النصيرات، الوضع لـ”ذا جارديان” قائلًا: “تعاملنا مع 21 مصابًا و24 شهيدًا. الإصابات كانت شديدة للغاية، معظمها في الصدر والرأس، وكان بين الضحايا نساء وأطفال وشباب”.
واستمرت المجازر، ففي 24 يونيو، استشهد 25 فلسطينيًا آخرين وأصيب العشرات عندما فتحت قوات الاحتلال النار بالرصاص والدبابات في مدينة رفح، على بعد 2.5 كيلومتر من نقطة توزيع مساعدات مدعومة أمريكيًا.
هذه الأرقام والشهادات، التي تكشف عنها “ذا جارديان”، تسلط الضوء على الوضع الكارثي في غزة وحجم الانتهاكات ضد المدنيين، في ظل حصار خانق وتجاهل دولي للمآساة الإنسانية.