بسم الله الرحمن الرحيم {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)} .
هناك جدل كبير حول إرم ذات العماد؛ أهي مدينة أم قبيلة ؟ والرأي الراجح أنها قبيلة ؛ حيث أعاد – قتادة وابن جرير- الضمير في كلمة ” مثلها” على القبيلة، أي تلك القبيلة التي “لم يخلق مثلها في البلاد” لأنهم كانوا مختلفين في هيئتهم ، وكانوا ذو اجسام طويلة وضخمة ، وقيل في تفسير” ذات العماد “ اي رجال ذات عمد لأن العرب كانت تسمي الرجل الطويل رجل ذو عمد ، وقيل تفسير آخر أن” ذات العماد” هي المدينة ؛ اي أن إرم ذات العماد كانت مدينة ذات اعماد عالية .
إنهم قوم عاد وخاصةً عادً الاولى ، وهم أولاد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، وكانوا ذو اجسام ضخمة وقيل أن طول الواحد منهم كان يبلغ أربعمائة ذراع ، وقيل أنه لهذا السبب قاموا ببناء مدينة ذات اعمدة عالية؛ حتى تناسب طبيعة هيئتهم ، وبالرغم من كل هذا التنعم إلا أنهم عصوا الله وتجبروا ، وقاموا بعباده الأصنام وكان هناك أشهر ثلاثة أصنام يقومون بعبادتهم ، وهم( صداء ، وصمود، والهباء ) ، فأهلكهم الله بالعذاب الأليم.
• لماذا قام قوم عاد ببناء هذه المدينة.
بسبب الطوفان الذي اغرق قوم سيدنا نوح -عليه السلام- ، قام قوم عاد ببناء مدينة ذات اعماد شاهقة في الجبال العالية ؛ ظناً منهم أنها سوف تحميهم من الطوفان إذا حل بهم ،وهناك قول آخر : أن الملك شداد بن عاد هو من أمر ببناء ارم ذات العماد لانه سمع بالجنة التي أعدها الله للمتقين في الآخرة ؛ فلذلك أمر ببناء مدينة إرم ذات العماد أو المدينة ذات الألف عمود وتحتوي على الأنهار والقصور الشاهقة وكانت مدينة مميزة عن كل المدن التي كانت في تلك الآونة وكانوا ينحتون بيوتهم في الجبال ، وجعلوها مدينة ذات حصن منيع حتى لا يتمكن أحد من غزوها أو الاستيلاء عليها.
• إرسال سيدنا هود لقوم عاد.
• أرسل الله سيدنا هود- عليه السلام- إلي هذه القبيلة إرم بسبب بطشهم وتجبرهم الشديد وعبادتهم الأصنام ؛ فلذلك أرسل الله فيهم رسولاً منهم -عرف بينهم بالأمانة وقول الصدق- يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، ولكنهم كذبوه ؛ لذلك عاقبهم الله بالقحط وعدم نزول المطر ثلاث سنوات ، وقيل أنهم أرسلوا سبعين رجلاً منهم إلى بيت الله الحرام ليدعوه بنزول المطر عليهم، فأرسل الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وسودا فاختار رؤساء القوم السحابة السوداء، فاهلكهم الله بإرسال الريح الشديدة لقوله- تعالى- {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (8)} ،وقال الله تعالى في موضع آخر {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ(٤١) مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَمِيمِ (٤٢)} وقضى الله عليهم جميعاً إلا سيدنا هود – عليه السلام – ومن آمن معه، نجاهم الله من الهلاك.
• أين تقع المدينة التي كان تعيش فيها قبيلة إرم ذات العماد؟.
أختلفت الأقوال في مكان وقوع المدينة التي كان تعيش فيها قبيلة إرم ذات العماد ، حيث قال البعض أن إرم ذات العماد تقع في مدينة الإسكندرية ، والبعض قال في اليمن،وقيل في الشام ، وقيل أن إرم ذات العماد كانت قبيلة وكانت تمكث في صحراء الربع الخالي ، التي كانت تقع بين الجزيرة العربية وحضر موت ، والدليل على ذلك أن علماء الآثار وجدوا مدينة ذات قصور وبيوت منحوته في الجبال ، وقول آخر أن الله خسف بها الأرض ولم يعد لها أي أثر!. ولكن الباحثون دلوا على وجودها مع اختلاف الاراء بينهم كما ذكرنا في السابق.