مؤتمر ميونخ للأمن 2025.. خلافات بين ضفتي الأطلسي حول الأمن الأوروبي وتحذيرات أمريكية

شهد مؤتمر ميونخ للأمن 2025 نقاشات حادة كشفت عن تباين عميق في وجهات النظر بين ضفتي الأطلسي حول طبيعة التهديدات الأمنية التي تواجه العالم. ففي حين دعت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى “نهج جديد جريء” لتعزيز القدرات الدفاعية لـ الاتحاد الأوروبي، حذر نائب الرئيس الأمريكي من تراجع القيم الديمقراطية داخل القارة العجوز، مما يهدد استقرارها وشراكتها مع الولايات المتحدة.
“نهج جديد جريء” لتعزيز الدفاع الأوروبي
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن خطة طموحة لتفعيل بند “الهروب” في قوانين الإنفاق الدفاعي للاتحاد الأوروبي. هذه الخطة تسمح للدول الأعضاء بزيادة ميزانياتها الدفاعية دون قيود، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة أوروبا على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
وأكدت فون دير لاين أن هذا الإجراء يمثل “نهجًا جديدًا جريئًا” يهدف إلى تمكين أوروبا من لعب دور أكبر في ضمان أمنها، مشيرة إلى أنه “عندما يتعلق الأمر بالأمن الأوروبي، يتعين على أوروبا أن تقوم بالمزيد”.
تحذير أمريكي من تراجع القيم الأوروبية
في المقابل، لفت نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، إلى أن التهديد الأكبر الذي يواجه أوروبا لا يأتي من الخارج، بل من داخل القارة نفسها. وأعرب عن قلقه العميق بشأن تراجع القيم الديمقراطية في بعض الدول الأوروبية، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وتقويض الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
يأتي هذا التحذير في وقت حساس يشهد فيه العالم تصاعدًا في التوترات الجيوسياسية والانقسام حول كيفية التعامل مع التهديدات الأمنية، مما يجعل الحفاظ على الوحدة والتضامن بين الحلفاء أمرًا بالغ الأهمية.
شهد مؤتمر ميونخ للأمن لعام 2025 حضور مجموعة من القادة والوزراء وصنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم، حيث تمت مناقشة أبرز التحديات الأمنية والجيوسياسية في العالم، وتركزت النقاشات بشكل أساسي حول الأزمات العالمية الراهنة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، لا سيما بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئاسة ووعده بإنهاء تلك الحرب وإحلال السلام.
خلافات حول أوكرانيا والناتو
كشفت النقاشات والخطابات التي شهدتها قاعات وأروقة المؤتمر، التي ألقاها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ونائب الرئيس الأمريكي الجديد جيه دي فانس، عن مدى التباين بين جانبي الأطلسي بشأن تقييماتهما للتهديدات المقبلة.
عضوية الناتو ليست بعيدة
أكد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، أن أوكرانيا لا تزال على مسارها نحو الانضمام إلى الحلف، وأن النقاشات حول عضويتها ليست جزءًا من مفاوضات السلام مع روسيا. يأتي هذا في وقت تحاول فيه الدول الأوروبية التوصل إلى توافق بشأن كيفية معالجة الصراع المستمر في أوكرانيا.
وقال روته: “علينا أن نتخذ الأمر خطوة بخطوة، وأن نتأكد من أن الاتفاق يضمن عدم محاولة بوتين مرة أخرى”.
دعوة لتشكيل قوات أوروبية مستقلة
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال المؤتمر إلى بناء “القوات المسلحة لأوروبا”، مؤكدًا أن أوروبا يجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن أمنها.
وقال في خطابه: “يجب أن نبني القوات المسلحة لأوروبا حتى يعتمد مستقبل أوروبا فقط على الأوروبيين، وأن تُتخذ القرارات بشأن أوروبا في أوروبا”.
القيادة الألمانية للقارة العجوز
في سياق متصل، تحدث فريدريش ميرز، مرشح الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني لمنصب المستشار، عن الحاجة إلى قيادة ألمانية أقوى داخل الاتحاد الأوروبي. هذا التصريح جاء في وقت تواجه فيه ألمانيا تحديات سياسية داخلية تؤثر على موقفها في أوروبا.
“كابوس بوتين” وصفقة المعادن النادرة
حذّر السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام من أن الاتفاقية المحتملة بشأن المعادن النادرة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا قد تمثل تهديدًا كبيرًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ تعزز قدرات أوكرانيا الدفاعية في مواجهة روسيا.
استبعاد أوروبا من مفاوضات أوكرانيا
في مقابلة مع كيث كيلوج، المبعوث الخاص للرئيس ترامب، أكد أنه من غير المرجح أن تكون أوروبا جزءًا من مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا.
هذا التصريح يعكس التوترات بين القوى العالمية حول كيفية معالجة النزاع في أوكرانيا، في ظل غياب بعض الأطراف عن الطاولة رغم تأثيرات الحرب على الأمن الأوروبي.