في يوم إفريقيا.. مصر تتألق بقيادة التنمية والتكامل في القارة السمراء

بينما تحتفل القارة الإفريقية في 25 مايو من كل عام بيوم إفريقيا، الذي يخلّد ذكرى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، تبرز مصر بدور محوري وريادي في قيادة جهود التنمية والتكامل بين دول القارة، انطلاقًا من إرث تاريخي مشرف ورؤية استراتيجية تستشرف مستقبلًا أكثر إشراقًا لإفريقيا.
ففي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقعت 32 دولة إفريقية مستقلة الميثاق التأسيسي للمنظمة، لتعكس إرادة الشعوب الإفريقية في التحرر والوحدة، وسعت منذ تأسيسها إلى إنهاء الاستعمار ودعم حركات التحرر في أنغولا وموزمبيق وجنوب إفريقيا وروديسيا الجنوبية (زيمبابوي حاليًا). ومع التحولات الدولية خلال التسعينيات، برزت الحاجة إلى تطوير الهيكل التنظيمي، ليُعلن في عام 2002 بمدينة دوربان بجنوب إفريقيا، التحول الرسمي من منظمة الوحدة الإفريقية إلى “الاتحاد الإفريقي”.
وكانت مصر من أبرز الدول المؤسسة والداعمة لتحول المنظمة إلى الاتحاد، وأسهمت في صياغة الوثائق التأسيسية، وصادقت على 20 اتفاقية في إطار عمل الاتحاد، فضلًا عن مساهمتها بنسبة 15% من ميزانية الاتحاد إلى جانب دول إفريقية كبرى، مثل الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا وليبيا.
قيادة مصرية متنامية في عهد السيسي
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014، شهدت العلاقات المصرية الإفريقية طفرة غير مسبوقة، انعكست في تكثيف التعاون المشترك، وتعدد زيارات الرئيس إلى العواصم الإفريقية، واستضافة مصر لعشرات المؤتمرات والمنتديات الاقتصادية والاستثمارية والأمنية.
وجاءت رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في عام 2019 تتويجًا لهذه الجهود، إذ لعبت دورًا بارزًا في تعزيز أجندة القارة للتنمية، ودعم التكامل الإقليمي، والتصدي للتحديات المشتركة.
صندوق ضمان مخاطر الاستثمار.. دعم اقتصادي للقارة
وفي ديسمبر 2018، أطلق الرئيس السيسي خلال منتدى إفريقيا، مبادرة إنشاء “صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في إفريقيا”، لتحفيز الاستثمار الأجنبي والمصري في دول القارة، عبر تقديم ضمانات ضد المخاطر السياسية والاقتصادية.
ويهدف الصندوق إلى خفض تكاليف الاقتراض، وزيادة التبادل التجاري بين الدول الإفريقية، وتعزيز مكانة القارة على خريطة الاستثمار العالمي، وحظي بدعم مؤسسات دولية بارزة كالبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية.
منتدى إفريقيا وورشة “صنع في إفريقيا”
استضافت مصر “منتدى إفريقيا 2019″، والذي ركز على تعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وبحث فرص الاستثمار في الطاقة المتجددة والبنية التحتية والتعليم والصحة، وتمكين المرأة والشباب.
وفي نوفمبر من العام ذاته، نظمت القاهرة ورشة “صنع في إفريقيا” بمشاركة واسعة من وزراء الصناعة والخبراء الأفارقة والدوليين، حيث ناقشت آليات ربط الموارد القارية بسلاسل القيمة الإقليمية، والاتفاق على معايير جودة موحدة للمنتجات الإفريقية، ضمن مسعى طموح لتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية.
مشروعات الربط القاري.. من “القاهرة – كيب تاون” إلى “فيكتوريا – الإسكندرية”
أكد وزير النقل المصري، الفريق كامل الوزير، أن مصر تولي أهمية استراتيجية لتعزيز الربط بين دول القارة، مشيرًا إلى مشروع “طريق القاهرة – كيب تاون” الذي يربط شمال القارة بجنوبها بطول 11 ألف كيلومتر، ويخدم 9 دول، ويخفض مدة نقل البضائع إلى أقل من 4 أيام بدلًا من الشحن البحري الذي يستغرق شهورًا.
كما يعمل مشروع “الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط” على إحداث نقلة نوعية في حركة التجارة والنقل بين دول حوض النيل، من خلال إنشاء ممرات نهرية وسكك حديدية وشبكات طرق ومراكز لوجستية.
أجندة إفريقيا 2063.. رؤية مستقبلية طموحة
لعبت مصر دورًا بارزًا في دعم صياغة وتنفيذ “أجندة إفريقيا 2063″، وهي رؤية طويلة المدى للتحول الاقتصادي والاجتماعي في القارة، وتعتمد على خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لتحقيق أهداف تنموية شاملة، تشمل البنية التحتية، والزراعة، والصناعة، والتنمية البشرية، وتعزيز التكامل الإفريقي.
احتفال رسمي يعكس الاعتزاز بالانتماء الإفريقي
في إطار الاحتفال بيوم إفريقيا، نظمت وزارة الخارجية والهجرة المصرية، مساء السبت، احتفالًا رسميًا حضره عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية. وألقى الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة كلمة أكد خلالها أن إفريقيا تمثل أولوية قصوى في السياسة الخارجية المصرية، مشددًا على اعتزاز مصر بانتمائها للقارة وحرصها على تحقيق تطلعات شعوبها.
كما استعرض دور مصر في قيادة ملفات محورية داخل الاتحاد، مثل رئاسة اللجنة التوجيهية لوكالة “نيباد” للتنمية، وملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، إضافة إلى جهود دعم الصومال والسودان، وتمكين المؤسسات الوطنية وتعزيز الاستقرار فيهما.
وأشار إلى السمعة المتميزة التي تحظى بها الشركات المصرية في القارة، خاصة في مجالات البنية التحتية والكهرباء والطاقة والزراعة، مؤكدًا أن مصر تمتلك الإمكانيات والخبرات التي تؤهلها لتنفيذ مشروعات كبرى في إفريقيا.
ختامًا..
في يوم إفريقيا، تتجلى ملامح الدور المصري المتجدد في القارة السمراء، قيادة وشراكة، دعمًا للتنمية والاستقرار، وترسيخًا لرؤية استراتيجية تستند إلى تاريخ مشترك ومصير واحد.