في ذكرى نصر أكتوبر.. الأغنية سلاح الروح وصوت الوطن

تحل اليوم الذكرى الثانية والخمسون لانتصار حرب أكتوبر المجيدة، الحدث الذي لم يغيّر فقط مسار التاريخ العسكري لمصر، بل ترك بصمته العميقة في وجدان المصريين جميعًا. فقد كانت الأغنية آنذاك سلاحًا معنويًا لا يقل أثرًا عن صوت المدافع، تلهب الحماس في القلوب وتبقي روح النصر مشتعلة في كل بيت مصري.
مع إعلان العبور في السادس من أكتوبر عام 1973، تحولت الإذاعة المصرية والاستوديوهات الفنية إلى خلية نحل لا تهدأ، حيث انطلقت الأغنيات الوطنية التي كُتبت ولُحّنت وسُجلت في أيام قليلة، وبعضها وُلد في نفس يوم العبور. وتشير بعض الروايات إلى أن الإذاعة المصرية سجلت أكثر من ثلاثين أغنية خلال أقل من ثلاثة أسابيع عقب الحرب، وهو رقم يعكس مدى تفاعل الفنانين وإيمانهم العميق بدور الفن في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ الوطن.
برز اسم الموسيقار بليغ حمدي في مقدمة المبدعين الذين صنعوا وجدان النصر، إذ قدّم مجموعة من الألحان التي صارت رموزًا وطنية، أبرزها أغنية “بسم الله الله أكبر” من كلمات عبد الرحيم منصور، التي أصبحت نشيدًا رسميًا للنصر يُذاع مع كل ذكرى.
كما عبّرت الفنانة وردة عن حب الوطن بأغنيتها “حلوة بلادي السمرا”، فيما صدح العندليب عبد الحليم حافظ بأغنيتي “ابنك يقولك يا بطل” و”قومي يا مصر”، اللتين حملتا رسائل العزيمة والإصرار. أما شادية فقد جسدت بصوتها أسمى معاني الانتماء في أغنيتها الخالدة “يا حبيبتي يا مصر”، التي أصبحت رمزًا للحب الصادق للوطن.
ولم تغب الأغنية الجماعية عن المشهد، فكانت “رايات النصر” من كلمات نبيلة قنديل وألحان علي إسماعيل تعبيرًا عن روح الوحدة الوطنية، إذ جمعت أصوات الرجال والنساء في لحن واحد يرمز إلى الانتصار الجماعي.
وامتدت موجة الإبداع إلى الأغاني الشعبية التي نقلت فرحة الناس ببساطة وصدق، مثل “وأنا على الربابة بغني” التي تحولت إلى رمز للمرأة المصرية الصامدة.
ورغم مرور أكثر من خمسة عقود على نصر أكتوبر، لا تزال تلك الأغنيات تُبث في كل ذكرى، لتعيد إلى الأذهان مشاعر الفخر والانتماء، وتؤكد أن الفن كان ولا يزال صوت الوطن وسلاح روحه في مواجهة التحديات.