فضل يوم عرفة.. خير الدعاء في يوم الحج الأعظم

يوم عرفة من أعظم أيام الله، فيه تتنزل الرحمات، وتُغفر الذنوب، وتُعتق الرقاب من النار، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء” (رواه مسلم).
كما قال ﷺ:
“خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير” (رواه الترمذي وحسنه الألباني).
وقد دار خلاف بين العلماء: هل هذا الفضل خاص بمن كان واقفًا بعرفة من الحجاج، أم يشمل المسلمين في سائر البقاع؟
الرأي الراجح: الفضل عام
ذهب جمهور العلماء إلى أن فضل الدعاء يوم عرفة لا يقتصر على من كان في عرفة، بل يشمل كل من دعا الله في هذا اليوم من المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، لأن الفضل متعلق باليوم ذاته لا بالمكان فقط، وإن كان من اجتمع له فضل الزمان (يوم عرفة) والمكان (صعيد عرفات) فقد نال أكمل الفضل وأعظمه.
قال الإمام الباجي رحمه الله في شرح الموطأ:
“أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة” يعني: أكثر الذكر بركة وأعظمه ثواباً وأقربه إجابة. ويحتمل أن يكون المقصود به الحاج خاصة، ولكن الصحيح أن الوصف لليوم نفسه، وهو يشمل الجميع.”
هل يُستحب الاجتماع للذكر والدعاء يوم عرفة خارج عرفة؟
نعم، فقد ورد عن بعض الصحابة والسلف أنهم كانوا يجتمعون في المساجد يوم عرفة للذكر والدعاء، وهو ما يُعرف بـ”التعريف”.
ابن عباس رضي الله عنهما كان أول من فعله في البصرة.
الإمام أحمد بن حنبل لم يكن يفعله بنفسه، لكنه قال: “أرجو أن لا يكون به بأس، قد فعله غير واحد.”
وذكر ابن قدامة في “المغني” أن الحسن البصري وبكر وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المساجد يوم عرفة للدعاء.
خلاصة القول:
يوم عرفة يوم عظيم الفضل، يشمل ثوابه كل مسلم مخلص في دعائه، سواء كان حاجًا أو في بلده.
من كان على صعيد عرفة نال الجمع بين شرف المكان والزمان.
الاجتماع للدعاء في المساجد يوم عرفة جائز، وإن لم يكن من السنة الثابتة عن النبي ﷺ.
فليحرص المسلمون في هذا اليوم المبارك على الدعاء والتضرع، والإكثار من التهليل والتكبير، عسى أن ينالوا من نفحات هذا اليوم العظيم ما يبدل أحوالهم ويغفر ذنوبهم ويعتق رقابهم من النار.