تقارير وتحليلات

غزة بين نار الحرب وشبح النكبة الجديدة.. تحقيق يرصد جرائم الاحتلال وأرقام الكارثة الإنسانية

منذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة أكبر مأساة إنسانية في تاريخه الحديث، إذ حوّل العدوان الإسرائيلي حياة أكثر من مليوني إنسان إلى جحيم لا يطاق. ومع اتساع دائرة الدمار والنزوح، يرى مراقبون أن ما يحدث ليس مجرد حرب، بل تكرار لسيناريو النكبة عام 1948، لكن بأدوات أكثر قسوة وأساليب أكثر تدميرًا.

نزوح جماعي يذكّر بالنكبة الأولى
وفق تقديرات الأمم المتحدة، أجبر القصف الإسرائيلي العنيف أكثر من 1.9 مليون فلسطيني – أي ما يقرب من 90% من سكان القطاع – على النزوح من منازلهم.
مشهد الطوابير الطويلة على الطرقات، والأسر التي تحمل ما استطاعت من متاع، يعيد إلى الأذهان صور الفلسطينيين الذين هُجّروا قسرًا عام 1948.
عبد الله أبو سمرة، 87 عامًا، شاهد على المأساتين. يقول: «كنت في العاشرة عندما خرجت من قريتي عام 1948 بلا عودة، واليوم أعيش في خيمة جنوب غزة، بلا طعام ولا دواء. نحن نعيش نكبة أكبر من الأولى».

دمار شامل.. غزة لم تعد صالحة للحياة
التقارير الحقوقية والأممية ترسم صورة قاتمة للواقع. فبحسب إحصاءات الأمم المتحدة:

80% من المباني في غزة دُمرت أو تضررت بفعل الغارات.
البنك الدولي قدّر أن إعادة الإعمار تحتاج إلى 80 عامًا على الأقل إذا استمرت وتيرة الدمار الحالية.

الخدمات الأساسية انهارت بالكامل: المياه نادرة، الكهرباء مقطوعة، والمستشفيات تعمل بما تبقى من وقود وإمدادات طبية.

تهجير قسري أم «هجرة طوعية»؟
بينما تزعم إسرائيل أن أوامرها للسكان بإخلاء الأحياء «إجراءات مؤقتة لحمايتهم»، يرى خبراء القانون الدولي أنها جريمة حرب تمثل انتهاكًا لاتفاقيات جنيف.
المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك حذّر صراحة من أن ما يجري هو «تهجير قسري» يرقى إلى تطهير عرقي.

الأخطر من ذلك أن تصريحات بعض الوزراء الإسرائيليين تكشف النوايا الحقيقية. فقد قال وزير الزراعة آفي ديختر: «نشهد الآن نكبة غزة 2023». بينما تحدث وزير المالية بِتسلئيل سموتريتش عن «تطهير القطاع بالكامل».

هذه التصريحات، وفق منظمات حقوقية، تضع الاحتلال في مواجهة اتهامات بارتكاب إبادة جماعية.

أرقام الشهداء والمصابين
أكثر من 40 ألف شهيد، غالبيتهم من النساء والأطفال.
نحو 70 ألف جريح بحاجة إلى رعاية عاجلة، كثير منهم أصيبوا بإعاقات دائمة.
مئات آلاف الأسر مشتتة، فيما يعيش أكثر من مليون شخص في خيام مؤقتة جنوب القطاع.

المستقبل المجهول
المشهد في غزة اليوم ليس مجرد حرب عابرة، بل محاولة ممنهجة لتفريغ الأرض من سكانها. الدمار الواسع، غياب الأفق السياسي، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، جميعها تعزز المخاوف من أن الفلسطينيين يُدفعون نحو ما يسميه الاحتلال «الهجرة الطوعية»، بينما يراه الفلسطينيون والعالم الحقوقي نكبة جديدة بكل المقاييس.

في المخيمات المؤقتة، تتردد عبارة واحدة على ألسنة النازحين: «لن نكرر خطأ 1948، هذه أرضنا ولن نغادرها». ورغم الجوع والخوف والخراب،
ويبقى الفلسطينيون متمسكين بحقهم في البقاء والعودة، في مواجهة حرب تُوصف بأنها الأخطر في تاريخهم الحديث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى