تقارير وتحليلات

عودة “الوحش السوفيتي”.. روسيا تستنجد بدبابات T-62 القديمة لتعويض نزيف الدروع في أوكرانيا

في مشهد يعيد إلى الأذهان حقبة الحرب الباردة، ومع دخول الحرب بين روسيا وأوكرانيا عامها الرابع، كشفت الاستخبارات الأوكرانية عن لجوء الجيش الروسي إلى مخازن أسلحته القديمة لإعادة تأهيل دبابات T-62 الأسطورية، التي تعود إلى أواخر خمسينيات القرن الماضي، بعدما عجزت موسكو عن سد النقص الحاد في دباباتها الحديثة من طراز T-90M وT-72B3M.

وبحسب تقرير لصحيفة “كييف إندبندنت”، بدأ الجيش الروسي في صيانة عشرات الدبابات من هذا الطراز القديم في منشأة بقرية أتامانوفكا النائية في إقليم زابايكالسكي بأقصى شرق البلاد، قبل أن تنقل مؤخرًا 21 دبابة إلى الجزء الأوروبي من روسيا تمهيدًا لدفعها مباشرة إلى الجبهات المشتعلة.

وتأتي هذه الخطوة “الاضطرارية”، وفق الاستخبارات الأوكرانية، في ظل الضغوط الهائلة على خطوط القتال وطول الجبهة الأوكرانية، وعدم قدرة روسيا على إنتاج أو شراء المكونات عالية التقنية اللازمة لتحديث ترسانتها المدرعة.

قصة دبابة صنعت للتحدي
الدبابة T-62 لم تكن مجرد آلة حربية، بل كانت وقت ظهورها في نهاية الخمسينيات رد الاتحاد السوفيتي الصارم على التفوق الغربي بدبابات “سنتوريون” و”إم48 باتون” التي امتلكت دروعًا منيعة أمام مدافع T-55 الروسية وقتها. فجاءت T-62 بمدفع ضخم عيار 115 ملم قادر على اختراق الدروع الأحدث، وأصبحت منذ إنتاجها في 1961 وحتى آخر دفعة في 1975 دبابة القتال الرئيسية في الجيش السوفيتي وحلف وارسو، ولاحقًا عشرات الجيوش في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.

تتمتع T-62 بقدرات لافتة في زمانها: محدد مدى ليزري، مدفع رشاش مضاد للطائرات، نظام دفاع صاروخي ودروع معززة، لكنها اليوم، بعد عقود من الصدأ والتخزين في العراء، تواجه تحدي الزمن والتكنولوجيا الحديثة.

خسائر فادحة وضغط الجبهات
فيما تقدر الاستخبارات الأوكرانية أن روسيا خسرت حتى الآن أكثر من 10 آلاف دبابة، تحدث الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القيادة الأمريكية في أوروبا، في تحديث عسكري صادم عن تقديرات بخسارة روسيا 3000 دبابة و9000 مركبة مدرعة و13 ألف نظام مدفعية، إضافة إلى 400 نظام دفاع جوي، في معارك وصفتها أوكرانيا بأنها الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

لكن في المقابل، يؤكد كافولي أن موسكو لا تزال صامدة وتسير بخطى ثابتة لتعويض تلك الخسائر، مشيرًا إلى توسيع مصانعها العسكرية وتحويل خطوط إنتاج تجارية لصالح الجيش، متوقعًا إنتاج 1500 دبابة و3000 مركبة مدرعة و200 صاروخ إسكندر هذا العام فقط، فضلًا عن 250 ألف قذيفة مدفعية شهريًا – ما يتيح لها بناء مخزون ذخيرة يفوق بثلاثة أضعاف مخزون الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعين!

إلى أين تتجه الحرب؟
عودة الدبابات السوفيتية العجوز إلى ساحات القتال تثير تساؤلات واسعة: هل تتمكن هذه الدروع المتهالكة من مجاراة أسلحة الغرب الدقيقة التي تُزود بها أوكرانيا؟ أم أنها ستكون مجرد وقود لنيران المسيرات والصواريخ الحديثة؟

في كل الأحوال، يبدو أن معركة الإرادة بين موسكو وكييف دخلت فصلًا جديدًا أكثر ضراوة، تلوح فيه أشباح الماضي على هيئة دبابات من زمن الحرب الباردة، تعود للحياة وسط سباق محموم على الأرض والسلاح والصمود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى