لا تستغرب إذا استيقظ العالم على خبر: «قتل بنيامين نتنياهو .. على يد مواطن إسرائيلي»، فقد أصبح حمل ثقيل على الجميع داخل إسرائيل وخارجها، وباتت حياة نتنياهو مطلب للكثيرين، ومؤخراً قامت وحدة الجرائم الكبرى بالشرطة الإسرائيلية «لاهاف 433»، باعتقال إسرائيلي عمره 40 عاماً من سكان بئر السبع لقيامه بالتحريض على قتل نتنياهو عبر منصة “تيك توك”، هذا الحادث قد لا يكون الأخير حيث تعيش اسرئيل منذ انتفاضة الأقصى 7 أكتوبر الماضي في أزمة كبيرة أدت إلى حرب لا تتوقف رغم كل الجهود الدولية الساعية إلى ذلك، حيث يعتقد نتنياهو وصانعي القرار الإسرائيلي أن قبولهم شروط المقاومة الفلسطينية، يعد هزيمة وخسارة للحرب، وبداية نهاية دولة الإحتلال.
كثيرون ذهبوا إلى أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي انتهى سياسياً، واثبت فشله على كافة المستويات، وطالب المتظاهرون المعتدلون داخل الكيان بإجراء انتخابات مبكرة، فيما طالبت بعض القوى السياسية بمحاكمة نتنياهو وسجنه حيث يواجه اتهامات بالفساد، والفشل في الحفاظ على أمن إسرائيل، ويتحمل مسئولية آلاف القتلى والجرحى في صفوف جيش الإحتلال، فيما يتعرض نتنياهو لهجوم مستمر من أهالي الرهائن، وبعضهم هدد بقتله واتهمه بـ«التخاذل» لعدم قدرته على إعادة ذويهم من قبضة المقاومة.
نتنياهو الذي تراجعت شعبيته بشكل قياسي بات يتغذى على دماء الشعب الفلسطيني، ويدرك أن استمراره على رأس السلطة الإسرائيلية مرهون باستمرار الحرب، ويخشى انتهاء العدوان على غزة حتى لا يفقد موقعه، خاصة بعد دعوة حزب «الليكود» الحاكم لإجراء انتخابات مبكرة فور انتهاء الحرب، وقال معبراً عن خوفه على مستقبله: «آخر ما نحتاجه الآن هو الانتخابات والتعامل مع الانتخابات، لأنها ستقسمنا على الفور.. نحن بحاجة إلى الوحدة الآن».
نتنياهو من أجل البقاء على رأس السلطة لأقصى فترة ممكنة، ولمنع محاكمته، قرر إشعال الحرب إلى أبعد مدى، بعدما أدرك أن نهايته السياسية ستكون في اليوم التالي لوقف الحرب في غزة، بل قرر الإستمرار في الحرب حتى لو على حساب فضح ممارسات حلفاءه وكشف تورطهم في قضايا فساد وجرائم غير أخلاقية، سواء كان هؤلاء شخصيات سياسية أو حكومات دول، لمجرد نصيحتهم له بوقف الحرب، وهو ما يفسر تصريحاته العدائية وكشفه الكثير من المعلومات السرية تمس شركاءه خلال الـ20 عاماً الماضية، وبالفعل نجح في شراء صمتهم نحو ما يجري، رافعاً شعار: «عليا وعلى أعدائي.. يا نعيش عيشه فل أو نموت احنا الكل»…
الواقع .. بعد أكثر من 135 يوماً من الحرب أصبح نتنياهو عبئ على الجميع سواء خصومه أو حلفاءه .. داخل إسرائيل أو خارجها.. التخلص منه أصبح مكسب للجميع، بعدما خرج عن قواعد اللعبة، وخرب التوازنات، لدرجة أن شعب الكيان يرى أنه عرض أمن ومستقبل إسرائيل للخطر، وأن استمراره في الحرب ليس حرصاً على مصالح الكيان بل من أجل إنقاذ رقبته فهو يرى أنه لن يتم التضحيه به طالما الحرب مستمرة، ومع تعقد الأمور بات لاعباً مضراً للجميع، ومؤخراً خرج أكثر من مرة عن النص والدور المرسوم له مما أزعج صانع القرار العالمي.
المؤكد أن الموت أصبح في انتظار نتنياهو، قد يكون موتاً سياسياً حيث يجبر على إنهاء الحرب لإنقاذ الكيان ووقف نزيف الخسائر المستمرة سياسياً وعسكرياً منذ 5 أشهر، ثم يترك موقعه كرئيس للحكومة، أو الموت مرضاً داخل مصحة نفسية بعدما كشفت تقارير أنه يعاني من أمراض نفسية عديدة نتيجة للضغوط الشديدة التي يعيشها منذ 7 أكتوبر، أو تعرضه للإغتيال والتصفيه كـ«حل أخير» لإنقاذ إسرائيل ذاتها من الموت والتفكك، كخطوة ضرورية لإنقاذ دولة الإحتلال، ومنع انهيارها من الداخل بسبب الخلافات التي عمق نتنياهو وجودها، والعمل على وقف التهديد الخارجي بعدما فشلت تل أبيب في القضاء على المقاومة الفلسطينية، وأدرك الجميع أن قوة إسرائيل العسكرية «فشنك»، وأنها «كيان هش»، واكذوبة تم الترويج لها زوراً وبهتاناً عبر حملات إعلامية ودعائية مضللة بشكل احترافي وممنهج، بدعم من دول الغرب وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، فقد أثبتت الدراسات أن الإحتلال العقلي عبر منصات الإعلام يسبق إحتلال الأرض ويساهم بشكل كبير في فرض الاحتلال وكأنه أمر واقع لا بد من التسليم له وقبوله.. ومناصبة العداء للشعوب المحتلة ومحاصرة أي مقاومة تقوم بها.