تقارير وتحليلات

غزة على حافة الهاوية.. الجوع يفتك بالأطفال ومناشدات دولية لمجابهة “مجاعة من صنع الإنسان”

 

تتكشف مأساة إنسانية مروعة في قطاع غزة المحاصر، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني، بينهم نحو مليون طفل، شبح المجاعة الحادة التي تفتك بهم ببطء. ففي ظل الحصار الإسرائيلي الخانق ونقص المساعدات الإنسانية، تحولت المستشفيات المتبقية في القطاع إلى ساحات لاستقبال حالات الوفاة الناجمة عن سوء التغذية، في وضع وصفته تقارير دولية ومراقبون بأنه “مذبحة صامتة” و”مجاعة جماعية من صنع الإنسان”.

أعداد الضحايا تتزايد: الأطفال يدفعون الثمن الأكبر
مع مرور كل يوم، تتفاقم الأزمة الإنسانية وتتزايد أعداد الضحايا. أكد تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أن أكثر من 100 شخص قد توفوا جوعًا منذ بداية الحرب، مع تسجيل وفيات بشكل يومي. وأوضح جيبريسوس بوضوح أن ما يحدث في غزة “لا يمكن وصفه إلا بأنه مجاعة جماعية من صنع الإنسان.”

الأطفال هم الأكثر تضررًا من هذه الكارثة. وفقًا لتقديرات منظمة اليونيسف، يشكل الأطفال 80% من الذين لقوا حتفهم جوعًا منذ بدء النزاع. خلال أسبوعين فقط من شهر يوليو الجاري، تلقى ما يقرب من 5 آلاف طفل علاجًا من سوء التغذية، بينما تتصاعد التحذيرات من نفاد أدوية علاج سوء التغذية الحاد بحلول منتصف أغسطس. يحذر الأطباء من أن الأطفال الذين ينجون من هذه المجاعة قد يواجهون عواقب وخيمة وطويلة الأمد، بما في ذلك تلف دائم في الدماغ وضعف في النمو الجسدي والعقلي، وهو ما يشبه “حُكمًا بالسجن مدى الحياة لجيل بأكمله”.

تدفق المساعدات المحدود ونظام توزيع “المعيب” يفاقمان الأزمة
منذ انتهاء الهدنة في مارس الماضي، اشتدت الأوضاع بعد أن أعادت إسرائيل فرض حصارها المشدد على القطاع. تشير منظمة العفو الدولية إلى أن 28 شاحنة مساعدات فقط تصل إلى غزة يوميًا حاليًا، وهو انخفاض حاد مقارنة بـ500 شاحنة كانت تدخل القطاع قبل بدء الحرب.

وفي غياب تنسيق إنساني حقيقي، تم استبدال جهود الأمم المتحدة بمؤسسة تُعرف باسم “غزة الإنسانية”. هذا النظام، الذي ينتقده الكثيرون باعتباره مدعومًا إسرائيليًا وأمريكيًا، ينقل كميات غير كافية من المساعدات ويفرض مخاطر جسيمة على السكان الذين يحاولون الحصول على الغذاء. أعلنت وزارة الصحة في غزة أن أكثر من ألف فلسطيني قد قُتلوا خلال محاولاتهم اليائسة للوصول إلى المساعدات، وسط تكرار إطلاق النار بالقرب من مراكز التوزيع.

تحذيرات دولية من انهيار كامل ومطالبات بوقف “جريمة الحرب”
تصاعدت المناشدات الدولية لوقف هذه الكارثة. فقد أصدرت أكثر من 100 منظمة إنسانية بيانًا مشتركًا الأسبوع الماضي، حذّرت فيه من أن غزة تعيش بالفعل “مجاعة جماعية”، وطالبت بتدخل دولي فوري لوقف هذا التدهور المريع. من جانبه، حذر أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، من أن الجوع في غزة يمثل “جريمة حرب ممنهجة”.

وأضاف دي وال أن “التجويع لا يتوقف بإيقاف القصف، بل يستمر بعده.. إنه قتل بطيء الحركة.”

تقف غزة الآن على حافة الهاوية، حيث تتسع دائرة الجوع والوفيات بوتيرة متسارعة، خاصة بين الأطفال، الفئة الأكثر ضعفًا. فهل يستجيب المجتمع الدولي لهذه الصرخات المتزايدة ويتخذ إجراءات حاسمة قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة جماعية بسبب الجوع والمجاعة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى