حكومة سورية جديدة برئاسة أحمد الشرع تضم وزيرة مسيحية.. وخارطة طريق لإعادة الإعمار

في خطوة وصفت بالمفصلية في تاريخ سوريا الحديث، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس السبت، عن تشكيل حكومة جديدة، تحمل على عاتقها مسؤوليات جسام في مرحلة حساسة تشهدها البلاد.
ويأتي هذا التشكيل في ظل تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، ما يجعله محط أنظار الشارع السوري والمجتمع الدولي على حد سواء، وسط تطلعات نحو تحقيق إصلاحات حقيقية تضع سوريا على مسار الاستقرار والتنمية المستدامة.
ويهدف التشكيل الوزاري الجديد إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على استمرارية العمل الحكومي في بعض القطاعات الحيوية، وبين ضخ دماء جديدة في وزارات أخرى لتعزيز الإصلاحات المنشودة.
كما يؤكد الشرع أن الحكومة الجديدة ستضع ضمن أولوياتها مكافحة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والنهوض بالاقتصاد، بما يسهم في إعادة إعمار البلاد، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للمواطنين.
استمرارية في الحقائب السيادية
احتفظ كل من أسعد الشيباني بمنصب وزير الخارجية، واللواء مرهف أبو قصرة بمنصب وزير الدفاع، في مؤشر على رغبة القيادة السورية في الحفاظ على نهج دبلوماسي وعسكري متماسك. وأكد الشيباني في كلمته أن الدبلوماسية السورية ستشهد تحولات استراتيجية تهدف إلى تعزيز الشراكات الدولية، وإعادة بناء العلاقات الخارجية على أسس تخدم مصالح الشعب السوري.
من جانبه، شدد وزير الدفاع، اللواء مرهف أبو قصرة، على ضرورة بناء جيش احترافي بعقيدة وطنية راسخة، قادر على حماية البلاد وتأمين استقرارها في ظل المرحلة الانتقالية.
وجوه جديدة في الحكومة لتعزيز الإصلاح
شمل التشكيل الجديد تعيين أنس خطاب وزيرًا للداخلية، الذي أكد على ضرورة تطوير منظومة أمنية متكاملة باستخدام أحدث التقنيات. كما تولى مظهر الويس وزارة العدل، حيث تعهد بالعمل على ترسيخ سيادة القانون، وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.

وشهدت الحكومة الجديدة تعيين عدد من الشخصيات البارزة في وزارات رئيسية، أبرزهم محمد يسر برنية وزيرًا للمالية، الذي أكد عزمه على تعزيز الشفافية في الإنفاق العام، ومراجعة أداء الشركات المملوكة للدولة. أما نضال الشعار، وزير الاقتصاد الجديد، فقد شدد على ضرورة خلق فرص عمل، وتعزيز بيئة استثمارية آمنة وجاذبة.
أولويات الحكومة: إعادة الإعمار وتعزيز الاقتصاد
في كلمته خلال الإعلان عن تشكيل الحكومة، أكد الرئيس أحمد الشرع أن بلاده تقف عند منعطف تاريخي، حيث تضع نصب أعينها استقطاب الكفاءات السورية من الخارج، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس الشفافية والمساءلة. كما شدد على ضرورة تقوية العملة الوطنية، ومنع التلاعب بها، والعمل على إعادة بناء جيش وطني يحمي البلاد.
وأوضح الشرع أن الحكومة ستعمل على عدة محاور رئيسية، تشمل إعادة بناء المؤسسات الحكومية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز حقوق الإنسان، وفتح آفاق جديدة في مجالات التعليم والصحة، بما يضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة.
خطة مستقبلية شاملة للنهوض بسوريا
كشف الرئيس السوري عن خطط حكومته المستقبلية، والتي تشمل:
تطوير النظام التعليمي وربطه باحتياجات سوق العمل.
استقطاب الكفاءات السورية في المهجر للإسهام في عملية إعادة الإعمار.
تعزيز القطاع الزراعي، وتحقيق الأمن الغذائي.
النهوض بالقطاع الصحي، وإعادة تأهيل المستشفيات المتضررة.
دعم قطاع الطاقة، والاستثمار في الموارد الطبيعية.
سير ذاتية لعدد من الوزراء الجدد
مرهف أبو قصرة – وزير الدفاع
مواليد 1984.
حاصل على بكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة دمشق.
التحق بالقوات المسلحة، وشارك في قيادة الجناح العسكري للثورة.
شغل منصب وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال.
ساهم في تطوير القدرات العسكرية، والصناعات الحربية.
أسعد الشيباني – وزير الخارجية
مواليد 1987.
حاصل على ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة “صباح الدين زعيم” في تركيا.
باحث دكتوراه في العلاقات الدولية.
شارك في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية، وتولى حقيبة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال.
محمد البشير – وزير الطاقة
مواليد 1983.
حاصل على بكالوريوس في الهندسة الكهربائية من جامعة حلب.
شغل منصب رئيس قسم الأجهزة الدقيقة في الشركة السورية للغاز.
عمل في مجال إدارة المشاريع والتنمية البشرية.
شغل منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية.
وشهد التشكيل الوزاري الجديد في سوريا، الذي أعلنه الرئيس أحمد الشرع السبت، تعيين هند قبوات كوزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل، لتكون المرأة الوحيدة في الحكومة الجديدة، في خطوة تعكس توجهاً نحو إشراك الكفاءات النسائية في مواقع صنع القرار.

وفي كلمتها عقب الإعلان عن التشكيل الحكومي، أكدت قبوات أن وزارتها ستركز على بناء مجتمع متماسك يعزز العدالة الاجتماعية، مشددة على أهمية العمل التشاركي بين الحكومة والمجتمع المدني لتعزيز الثقة وتحقيق نظام اجتماعي عادل ومستدام يضمن التوزيع العادل للموارد.
ويعد اختيار قبوات تتويجاً لمسيرتها الحافلة في مجالات القانون، الدبلوماسية، وحل النزاعات، إذ سبق أن عُيّنت في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في فبراير الماضي. وتحمل قبوات شهادة في الاقتصاد والقانون من جامعة دمشق، وماجستير في القانون والدبلوماسية من جامعة فليتشر في الولايات المتحدة، كما شغلت مناصب أكاديمية مرموقة، من بينها التدريس في جامعة جورج ماسون الأميركية وعضويتها في برنامج التفاوض بكلية القانون في جامعة هارفرد.
ولعبت قبوات، الحاصلة على الجنسية الكندية، دوراً بارزاً في الترويج للتسامح والتعاون بين الأديان وتعزيز الابتكار في مجالات حل النزاعات والتعليم الدبلوماسي، حيث تدير قسم حوار الأديان وحل النزاعات في معهد الأديان والدبلوماسية بجامعة جورج ماسون، إلى جانب إدارتها مركز الحوار والسلام والمصالحة السوري في تورنتو.
كما شغلت منصب مستشارة وعضو في المجلس الاستشاري للبنك الدولي، وتتولى رئاسة منظمة “تستقل” التي تُعنى بشؤون المرأة وبناء السلام، ما يجعلها واحدة من الشخصيات النسائية البارزة في المشهد السياسي والاجتماعي السوري الجديد.
مرحلة جديدة تحمل آمالًا كبيرة
يأتي تشكيل الحكومة السورية الجديدة في وقت حساس، حيث تسعى القيادة إلى استعادة الاستقرار، وإطلاق مشاريع تنموية كبرى تعيد لسوريا مكانتها. وبينما يترقب الشارع السوري أداء الحكومة الجديدة، تبقى التحديات قائمة، لكن القيادة تؤكد أن هذه الحكومة ستكون حجر الأساس في بناء مستقبل مشرق للبلاد.