تقارير وتحليلات

حظر 7 ممارسات على الأطباء.. النواب يناقش 24 مادة من مشروع قانون المسئولية الطبية

في جلسة برلمانية شهدت نقاشات مستفيضة وحضورًا رفيع المستوى، واصل مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، اليوم الاثنين 24 مارس 2025، مناقشة مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وحماية المريض، وذلك بحضور المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، ومشاركة الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان.

وانطلقت الجلسة باستئناف مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الصحية ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والشئون الاقتصادية، وحقوق الإنسان، حول مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة، حيث تركزت المناقشات على 24 مادة رئيسية، بدءًا من المادة الثانية وحتى المادة الرابعة والعشرين، التي تحدد الإطار القانوني للمسئولية الطبية، التزامات مقدمي الخدمة، العقوبات، وآليات التعويض عن الأضرار الطبية.

تنظيم شامل للمسئولية الطبية: ما بين المدني والجنائي والإداري
خلال مناقشة المادة الثالثة من مشروع القانون، أوضح المستشار محمود فوزي أن التشريع الجديد لا يقتصر على المسئولية المدنية فقط، بل يشمل كافة الجوانب القانونية المتعلقة بالممارسة الطبية، بما في ذلك المسئولية الجنائية والإدارية. وأكد أن بعض الأخطاء الطبية الجسيمة تستوجب أحكامًا جنائية واضحة، بينما تتطلب مخالفات أخرى تطبيق التزامات تنظيمية وإدارية. وأشار الوزير إلى أن الهدف من القانون هو وضع إطار شامل لتنظيم المسئولية الطبية، بما يضمن حماية المريض من الأخطاء الطبية، وفي الوقت ذاته، صون حقوق الأطباء ومقدمي الخدمات الصحية.

حظر 7 ممارسات على الأطباء.. النواب يناقش 24 مادة من مشروع قانون المسئولية الطبية

المادة الرابعة: لا مسئولية طبية في حالات المضاعفات المعروفة
وافق مجلس النواب على المادة الرابعة من مشروع القانون، والتي تحدد حالات انتفاء المسئولية الطبية، حيث نصت على أنه لا يمكن تحميل مقدم الخدمة الطبية المسئولية إذا كان الضرر الذي وقع على المريض ضمن المضاعفات الطبية المعروفة علميًا، أو إذا كان الإجراء المتبع متوافقًا مع الأصول العلمية الراسخة، حتى وإن خالف في ذلك ممارسات أخرى داخل التخصص ذاته. كما أوضحت المادة أن الطبيب لا يُعد مسؤولًا إذا كان الضرر ناتجًا عن فعل المريض نفسه، كرفضه للعلاج أو عدم التزامه بالتعليمات الطبية الموجهة إليه.

حظر 7 ممارسات على مقدمي الخدمة الطبية
وفي خطوة تستهدف ضبط ممارسة المهن الطبية وحماية المرضى من التجاوزات، أقر مجلس النواب المادة السادسة من مشروع القانون، التي تضمنت حظر سبعة أفعال على مقدمي الخدمة الطبية، وهي:

تجاوز حدود الترخيص الممنوح له.

علاج المريض دون رضاه، إلا في الحالات الطارئة أو التي تشكل خطرًا على حياته أو الصحة العامة.

الامتناع عن تقديم العلاج للحالات الطارئة حتى استقرار الحالة الصحية.

التوقف عن علاج المريض دون التأكد من استقرار وضعه الصحي.

استخدام وسائل طبية غير مرخصة أو غير مشروعة.

تنفيذ إجراءات طبية بالمخالفة للقوانين أو الدلائل الإرشادية المعتمدة.

إفشاء أسرار المريض إلا في حالات استثنائية، كطلب المريض نفسه، أو لأغراض قضائية، أو لمنع وقوع جريمة.

حظر 7 ممارسات على الأطباء.. النواب يناقش 24 مادة من مشروع قانون المسئولية الطبية

حماية الأطباء من البلاغات الكيدية مع ضمان حق المريض في الشكوى
أثناء مناقشة المادة الثانية عشرة، المتعلقة بحق المريض أو ذويه في تقديم شكاوى ضد مقدمي الخدمة الطبية، أثيرت مخاوف من احتمالية فتح الباب أمام البلاغات الكيدية ضد الأطباء. وردًا على ذلك، أكد المستشار محمود فوزي أن القانون يحقق توازنًا بين حق المريض في التحقق من جودة الخدمة الطبية، وبين حماية الأطباء من الاستهداف التعسفي. وأشار إلى أن قانون العقوبات المصري ينص في المادة 135 على معاقبة أي شخص يزعج السلطات ببلاغ كاذب بالحبس لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه. كما أكد الوزير أن من يثبت تضرره من شكوى كيدية يحق له المطالبة بالتعويض.

شروط عضوية اللجان الطبية: حسن السير والسمعة شرط أساسي
وفي مناقشة المادة السابعة عشرة، التي تنظم عضوية اللجان الفنية المختصة بتقييم المسئولية الطبية، أكد وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي أن اشتراط حسن السيرة والسمعة للمرشحين للعضوية هو أمر أساسي، مشيرًا إلى أن خلو الصحيفة الجنائية من السوابق لا يعني بالضرورة تمتع الشخص بسمعة طيبة. وأضاف أن هذا الشرط يُطبق في العديد من التشريعات، سواء في القطاع العام أو الخاص، لضمان أن من يتولى مثل هذه المسؤوليات الحساسة هم من أصحاب الكفاءة والنزاهة.

اللجنة العليا للمسئولية الطبية: رأي فني أم قرار ملزم؟
في مناقشة المادة الثامنة عشرة، التي تحدد دور اللجنة العليا للمسئولية الطبية كجهة خبرة فنية في القضايا الطبية، رفضت الحكومة المقترح المقدم من بعض النواب بجعل قرارات اللجنة العليا ملزمة للمحاكم. وأوضح المستشار محمود فوزي أن تحويل اللجنة إلى جهة ذات قرارات واجبة التنفيذ يتعارض مع الدستور، حيث أن الجهة الوحيدة المخولة بإصدار أحكام ملزمة هي السلطة القضائية. ومع ذلك، أشار الوزير إلى أن المحاكم تعتمد بشكل كبير على التقارير الفنية، ومن النادر أن تتجاوزها دون وجود رأي فني أقوى.

المادة 20: صندوق تأمين لتعويض ضحايا الأخطاء الطبية
شهدت الجلسة موافقة المجلس على المادة العشرين، التي تنص على إنشاء صندوق تأمين حكومي لتغطية الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية، وذلك لحماية حقوق المرضى وتعويضهم ماليًا في حالة وقوع ضرر طبي يستوجب التعويض. وتم تعديل المادة بناءً على مقترح النائبة إيرين سعيد، وهو تعديل لاقى تأييدًا من الحكومة والمجلس النيابي على حد سواء.

وفي ختام النقاش، علّق رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفي جبالي، على إقرار التعديل بقوله: “مبروك عليكم.. هذا التعديل لصالح الجميع، الأطباء والمرضى على حد سواء.”

اتجاه تشريعي متكامل لتنظيم الممارسة الطبية في مصر
يأتي مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية كخطوة تشريعية محورية لضبط وتنظيم القطاع الصحي في مصر، في ظل تزايد الاهتمام بتحسين جودة الخدمات الطبية وحماية حقوق كل من المرضى والأطباء. ومع استكمال مناقشة باقي مواد المشروع، يبدو أن البرلمان عازم على إقرار قانون متوازن، يضمن سلامة الممارسات الطبية، ويحقق العدالة في حالات وقوع أخطاء طبية، دون المساس بحقوق العاملين في المجال الصحي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى