جيل الجديد في السينما المصرية.. أفلام الشباب تعيد الجمهور إلى صالات العرض

لطالما كانت السينما المصرية ساحة للتجريب والإبداع، تتبدل فيها الأفكار والألوان مع مرور الزمن، وكل جيل يترك بصمته الخاصة على الشاشة الفضية.
وفي السنوات الأخيرة، بات مصطلح “السينما الشبابية” يتردد بشكل قوي، مما يثير تساؤلات عن حقيقة هذه الظاهرة: هل هي موجة فنية حقيقية تعكس روح الجيل الجديد؟ أم أنها مجرد تسمية تروج لأفلام جديدة بغض النظر عن محتواها؟
تزامنًا مع تصدر مجموعة من الأفلام التي حملت توقيع شباب، استطاع هذا الجيل أن يعيد الجمهور إلى صالات العرض، بعد فترة من الركود أثرت فيها منصات البث الرقمية والظروف الاقتصادية.
أفلام مثل “الحريفة” التي حققت إيرادات غير متوقعة، قد تكون هي البداية لتشكيل ملامح جديدة لمشهد سينمائي كانت تهيمن عليه الأسماء الكبيرة.
سينما الشباب: مصطلح غامض أم واقع فني؟
يبدو أن مصطلح “السينما الشبابية” أصبح يحمل الكثير من الغموض، فهل هو مجرد تصنيف عابر؟ الناقد السينمائي طارق الشناوي يرى أن المصطلح غير دقيق ولا يعكس الواقع الفني، ويؤكد أن السينما بطبيعتها موجهة للجميع، بما في ذلك الشباب، وبالتالي فإن استخدامها كمصطلح تصنيفي قد لا يكون له معنى حقيقي. بل هو في أغلب الأحيان يُستخدم للإشارة إلى موجات جديدة دون تحديد ملموس لخصائصها.
ويستشهد الشناوي بمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، الذي قدم ألحانًا وُصفت بأنها “شبابية”، رغم تقدمه في العمر، مما يثبت أن الإبداع لا يرتبط بالسن.

موجة فنية جديدة: ولادة سينما حرة
من جهة أخرى، يعتقد الناقد كمال رمزي أن “السينما الشبابية” قد تكون أكثر من مجرد تصنيف عمري، بل هي تعبير عن موجة سينمائية جديدة تتميز بتجديد الرؤى والإبداع. فهو يشبهها بموجات سينمائية سابقة مثل تلك التي ظهرت مع جيل المخرجين عاطف الطيب وبشير الديك، الذين شكلوا تيارًا سينمائيًا مختلفًا.
رمزي يفضل تسميتها بـ “السينما الحرة” باعتبارها تعبيرًا دقيقًا عن التحولات الفنية التي تصاحب هذا الجيل، ويشدد على أن هذه الموجة لا تحتاج إلى تصنيفات مصطنعة، بل تحدث بشكل طبيعي عندما يتقاطع المبدعون في أفكارهم وأساليبهم.

العودة إلى الجذور: شباب السينما وصناعة النجاح
فيما يتعلق بالموجة الحالية، يشير الناقد عصام زكريا إلى أن السينما المصرية تمر بمرحلة انتقالية. فبعد أن هيمنت أسماء مثل ليلى علوي ويسرا وأحمد السقا لعقود، بدأت تتفتح أبواب جديدة لشباب جدد، ليظهر جيل جديد من الفنانين الذين لم تقتصر نجاحاتهم على الدراما التلفزيونية أو المنصات الرقمية، بل بدأوا يقتحمون السينما ويحققون نجاحًا لافتًا.
زكريا يوضح أن هذا التغيير جاء نتيجة إدراك المنتجين لحاجة السوق إلى وجوه جديدة، خاصة مع تراجع نجومية بعض الأسماء الكبيرة، وهو ما خلق فرصًا للجيل الجديد لإعادة صياغة معادلة النجاح السينمائي.
إعادة تشكيل المشهد السينمائي
السينما المصرية اليوم تقف عند مفترق طرق. فبينما يقترب جيل السقا وأحمد عز وكريم عبد العزيز من مرحلة انتقالية في مسيرتهم، يتجه العديد منهم نحو أدوار تناسب أعمارهم، مما يفسح المجال أمام جيل جديد لفرض نفسه على الشاشة. مع هذه التحولات، تظهر سينما الشباب كمحور رئيسي يعكس تحولات المجتمع المصري والجيل الجديد الذي يعيد تعريف مفهوم النجاح في الفن السابع.

وفي النهاية، قد يكون من المبكر تحديد ما إذا كانت “السينما الشبابية” هي تيار فني جديد أو مجرد مرحلة عابرة، لكن ما لا يمكن إنكاره هو أن هذا الجيل الجديد من المبدعين قد استطاع بالفعل أن يعيد الجمهور إلى صالات السينما، ويعيد رسم ملامح صناعة تحتاج إلى التجدد الدائم.