تسونامي يوقظ نبوءة “المانجا”.. ذعر في آسيا وملايين يلجأون إلى القصص المصورة بدلًا من التوقعات العلمية

أثارت موجات تسونامي التي اجتاحت سواحل المحيط الهادئ الأربعاء الماضي، حالة من الذعر والقلق في عدد من الدول الآسيوية، لكن ما فاق صدمة الكارثة الطبيعية، هو ارتباطها بـ”نبوءة” وردت قبل عقود في مانجا يابانية شهيرة، أعادت الجدل حول قدرة القصص المصورة على التنبؤ بالمستقبل، وأثرت فعليًا على قرارات السفر والسياحة في المنطقة.
مانجا تتحول إلى هاجس جماعي
فور وقوع الزلزال، تصدّر البحث عن كلمة “نبوءة” قائمة الاهتمامات على منصة “دووين” (النسخة الصينية من تيك توك)، حيث تجاوز عدد الباحثين مليون مستخدم في الصين وحدها، بعد أن ربط كثيرون الكارثة الجديدة بالمانجا اليابانية “المستقبل الذي رأيته” للفنانة ريو تاتسوكي.
المانجا، التي أعيد إصدار نسختها الكاملة عام 2021، كانت قد تنبأت سابقًا بزلزال مارس 2011 الذي دمّر منطقة “توهوكو” وتسبب بتسونامي مروع وانهيار مفاعل فوكوشيما النووي. لكن ما أثار الهلع هذه المرة هو أنها توقعت زلزالًا جديدًا في يوليو 2025 بمنطقة بحر الفلبين، وهو ما رآه كثيرون تكرارًا لنبوءة تتحقق خطوة بخطوة.
زلزال محدود.. وتأثير ضخم
ورغم أن تسونامي الأربعاء لم يتجاوز ارتفاع مياهه 1.3 متر—وهو أقل بكثير من أمواج 2011 التي تجاوزت 9 أمتار—إلا أن أثره المعنوي كان عميقًا، خاصة بين من قرأوا المانجا أو سمعوا عنها.
خسائر سياحية وخوف يتجاوز المنطق
سائحة صينية تُدعى أندريا وانج (25 عامًا) قالت إنها ألغت رحلتها إلى اليابان في أبريل الماضي فور قراءتها المانجا، مضيفة:
“حتى لو لم أكن متأكدة، شعرت أن المخاطرة لا تستحق”.
وفي هونج كونج، أعلنت وكالة السفر WWPKG أن حجوزات السفر إلى اليابان انخفضت بنسبة 70 خلال شهري يونيو ويوليو، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
أما أوسكار تشو، أحد المسافرين المعتادين، فقال إنه أجل زيارته السنوية لليابان “رغم عدم تصديقه الكامل للنبوءة”، لكنه أضاف:
“لم أستطع تجاهلها تمامًا، وفضّلت التريث”.
العلم يحذّر.. لكن المانجا تقنع
على الجانب الآخر، حاول علماء الزلازل طمأنة الناس، مؤكدين أن لا أساس علمي لتوقع الكوارث بهذه الدقة الزمنية. حتى مؤلفة المانجا ريو تاتسوكي خرجت عن صمتها في مقابلة صحفية خلال مايو الماضي، وقالت إنها لا ترغب في أن ينساق الناس “بشكل مفرط” وراء أحلامها، مشيرة إلى أن بعض رؤاها قد تكون “مجرد مصادفات”.
ذاكرة الكارثة لا تزال حيّة
رغم التطمينات، تعكس هذه الظاهرة الشعبية خوفًا عميقًا متجذرًا في الذاكرة الجمعية اليابانية، لا سيما بعد مأساة 2011 التي أودت بحياة أكثر من 22 ألف شخص، وجعلت من تدريبات الزلازل جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية في اليابان، حتى في مناهج رياض الأطفال.
وما يعزز هذه المخاوف، أن الحكومة اليابانية نفسها سبق أن حذّرت من احتمال زلزال ضخم في منطقة ننكاي تروف، وهي منطقة تكتونية نشطة بطول 700 كيلومتر، مع تقديرات بوجود احتمال بنسبة 80 لحدوث زلزال مدمر خلال الثلاثين عامًا القادمة.
الإنذار المبكر.. والقلق المستمر
أنظمة الإنذار المبكر في اليابان أثبتت كفاءتها مجددًا هذا الأسبوع، حيث تم إخلاء أكثر من مليوني شخص من المناطق الساحلية في وقت قياسي. لكن وعلى الرغم من السلامة الظاهرة، يبقى القلق متجذرًا، هذه المرة ليس بسبب صفائح الأرض المتحركة، بل بسبب صفحات مانجا قديمة أعادت رسم سيناريو الخوف في قلوب الملايين.
هل هي نبوءة؟ مصادفة؟ أم مجرد تأثر جمعي بكارثة لا تنسى؟
سؤال يبقى بلا إجابة علمية حاسمة، لكنه بالتأكيد يُظهر كيف يمكن لقصة مرسومة أن تحرّك قرارات واقعية في عالمنا اليوم.